تحدث القرآن والسنة عن ملك اليمين، ويعيب بعض الناس ذلك لأنه يتنافى مع كرامة الإنسان، فكيف نرد عليهم؟
الجواب
الرق فى نظر الإسلام موضوع درست أحكامه فى الكتب الدينية، وألفت فيه كتب خاصة اهتمت ببيان أصل مشروعيته وموقف الإسلام منه، والرد على الشبه المثارة حوله. والرقيق قوة بشرية كان لها أثرها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية قى الأزمان الغابرة، وجاء الإسلام فوجد الرق موجودا فى كل أنحاء الدنيا، وكانت وسائله متعددة، بعضها يقوم على الخطف والسرقة، فلم يشأ الإسلام أن يمنعه مرة واحدة حتى لا تكون هناك هزة، وهو فى الوقت نفسه ظاهرة موجودة عند كل الأمم عندما تقوم الحروب بينها ويقع فيها أسرى من الجانبين يساوم كل على فدائهم. فضيق الإسلام منابع الرق وحصرها فى الحرب المشروعة التى تقوم بين المسلمين والكفار، وكذلك فيما يتوالد من الأرقاء السابقين. وجعل ضرب الرق على الأسير بأمر الحاكم إن رأى فيه المصلحة. ثم وسع أبواب الحرية بالعتق قى مخالفات كثيرة، كالفطر فى رمضان والظهار والقتل والقسم أى الحلف وغير ذلك، كما حبب فى العتق بدون سبب موجب، ورغب فيه ترغيبا كبيرا، وإذا ضاق المنبع واتسع المصب كانت النتيجة قضاء على الرق بالتدريج. وفى المسافة التى بين الرق والعتق أمر الإِسلام بالإِِحسان إلى الرقيق، ونصوصه فى ذلك كثيرة جاء فيها التعبيرعن المملوكين بأنهم إخوان من ملكوهم، وهى إخوة فى الإِنسانية تقتضى الرحمة والحفاظ على كرامتهم، حتى كان عتق العبد كفارة عن ضربه وإهانته، ولعل هذه الطيبة قى معاملتهم تكون دعاية للإِسلام ومبادئه الإِنسانية العظيمة، على يد من يعتقون. وموقف الإِسلام بهذه الخطوات الثلاثة الحكيمة: تضييق منابع الرق، وتوسيع منافذ الحرية، والإِحسان إلى المملوك والترغيب فى عتقه - موقف شريف يزرى بالأساليب التى كانت موجودة قبل الإِسلام فى بلاد الحضارة، وبالأساليب التى اتخذها تجار الرقيق قى القرون الأخيرة لتعمير الأراضى المكتشفة، وحين اشتد التنافس بين الدول فى هذه التجارة قرروا الاتفاق على منعها، متذرعين - صدقا أو كذبا - بأنها منافية لكرامة الإِنسان، واستبدلوا به رقا آخر بالاستعمار وبسط النفوذ المسلمون من أول ١٧ والتحكم فى مصائر الشعوب الضعيفة، وكانت من وافقوا على منع هذه التجارة، وإن كانت له اَثار قليلة باقية. وفى النهاية نهتف مباهين بالإِسلام وتشريعه وأسلوبه فى معالجة المشكلات، مؤمنين حقا بقول اللَّه سبحانه {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء: ١٠٧، والموضوع كل موجود فى رسالتى "الرق فى نظر الإسلام "