قال العلماء: حقنة الشرج مفطرة لدخولها إلى الجوف من منفذ مفتوح واشترط مالك أن تصل إلى المعدة أو الأمعاء، فإن لم تصل فلا يبطل بها الصيام.
أما حقن العضل والتى تحت الجلد فقد أفتى الشيخ محمد بخيت المطيعى فى مايو ١٩١٩ م بأنها لا تفطر بناء على أنها لم تصل إلى الجوف من منفذ معتاد، وعلى فرض الوصول فإنها تصل من المسام فقط وما تصل إليه ليس جوفا ولا فى حكم الجوف. "الفتاوى الإسلامية -المجلد الأول ص ٨٩" والشيخ طه حبيب عضو المحكمة العليا الشرعية قال فى فتواه المنشورة بمجلة الأزهر "المجلد الثالث ص ٥٥٣ " ما نصه: ولا شك فى أن الحقنة التى تعطى تحت الجلد أو فى العضلات أو فى الوريد أو فى قناة النخاع الشوكى تصل إلى الجوف، لأنها تصل عند إعطائها إلى الدورة الدموية، وهذه توزعها إلى أجزاء الجسم كل بحسب طلبه، وعلى هذا يتبين أن الحقن التى يعطيها الأطباء للصائمين فى نهار رمضان مفسدة لصومهم، وإذا لوحظ أن إعطاءها قد يكون للتغذية وللتقوية وإكثار الدم ولتخدير الأعصاب، فإن الأطباء أنفسهم يقرون أن هذه الحقن تمتصها الأوعية الليمفاوية ومنها إلى الدورة الدموية ثم توزعها هذه الأخيرة إلى أجزاء الجسم كل بحسب طلبه ... إلى أن قال: هذا ما يمكن أخذه من مذهب أبى حنيفة فى هذا الموضوع، أما مذهب المالكية والشافعية فهو ما يأتى:
مذهب المالكية أن الصوم يفسد عندهم بوصول مائع إلى الحلق من الفم أو الأنف أو الأذن أو العين وإن لم يصل إلى المعدة.
وبوصول جامد إلى المعدة من منفذ عال. فلو ابتلع الصائم حصاة ووصلت إلى المعدة فسد الصوم، ويفسد بوصول دواء إلى المعدة أو الأمعاء بواسطة الحقنة إذا جعلت فى منفذ واسع. أما إذا كان المنفذ غير واسع لا يمكن وصول شىء منه إلى المعدة فلا. ومن هذا يؤخذ أن الحقنة تحت الجلد إن وصل الدواء المجعول فيها إلى المعدة أو الحلق أو الأمعاء أفطر الصائم، وإلا فلا. والمعدة عندهم ما تحت منخسف الصدر إلى السرة.
ومذهب الشافعية يرى أن وصول عين الشىء قليلا كان الواصل أو كثيرا مأكولا أو غير مأكول إلى الجوف من منفذ مفتوح كحلق ودماغ وباطن أذن وبطن وإحليل ومثانة مفسد للصوم.
ومنه يعلم حكم الحقنة تحت الجلد، وقد علمت أنها تصل إلى داخل الجوف قطعا.
هذه صورة من الآراء الاجتهادية فى الحقن، وقد رأيت أن حقن الدواء يمكن العمل فيها برأى الشيخ محمد بخيت، وهو عدم الإفطار لأنها لم تدخل من منفذ مفتوح، وأن حقن الغذاء يمكن العمل فيها برأى الشيخ طه حبيب وهو الإفطار لأنها دخلت إلى الجوف عن طريق الدم، وتتنافى مع حكمة الصيام من الشعور بالجوع والعطش للمعانى التى تترتب عليه