الأصل فى الدفن أن يكون لكل ميت قبر خاص به، أما دفن أكثر من واحد فى قبر واحد فهو حرام عند جمهور الفقهاء، ومكروه فقط عند أبى حنيفة، ومحل ذلك إذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة، فإن وجدت ضرورة ككثرة الموتى وتعَسُّر إفراد كل بقبر، أو وجدت حاجة كالمشقة فى حفر قبر لكل ميت جاز جمع أكثر من واحد فى قبر، سواء أكانوا من جنس واحد أم من جنسين، على أن يقدم الذكر على الأنثى فى دفنه جهة القبلة.
والدليل على ذلك ما رواه أحمد والترمذى وصححه: أن الأنصار جاءوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقالوا: يا رسول اللَّه أصابنا جرح وجهد فكيف تأمرنا؟ قال " احفروا وأوسعوا تعمقوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة فى قبر قالوا:
فأيهم نقدم؟ قال " أكثرهم قرآنا ".
وروى عبد الرزاق بسند حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة فى القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه.
ذكره ابن حجر فى الفتح "ج ٣ ص ٢٥١ ".
وجاء فى كتاب " الإقناع " للخطيب فى فقه الشافعية ما يأتى: ولا يجمع رجل وامرأة فى قبر إلا لضرورة، فيحرم عند عدمها-يعنى عدم الضرورة-كما فى الحياة -يعنى كما لو كانوا أحياء - قال ابن الصلاح: محله إذا لم يكن بينهما محرمية أو زوجية، وإلا فيجوز الجمع، قال الأسنوى: وهو متجه - يعنى كلام وجيه -والذى فى المجموع -كتاب للنووى- لا فرق، فقال إنه حرام حتى فى الآًم مع ولدها، وهذا هو الظاهر، إذ العلة فى منع الجمع هى الإِيذاء، لأن الشهوة قد انقطعت فلا فرق بين المحرم وغيره، ولا بين أن يكون من جنس، واحد أم لا، ويحجز بينهما بتراب حيث جمع بينهما، وذلك على سبيل الندب - حتى لو اتحد الجنس - انتهى.
وجاء فى " الفتاوى الإِسلامية " مجلد ٧ ص ١٤٢٦: يجوز دفن الرجل مع المرأة فى قبر واحد عند الضرورة بشرط الحيلولة بينهما بحائل من التراب. وخلاصة الكلام أن دفن الرجل مع المرأة حتى لو كانت أمه أو زوجته لا يجوز إلا عند الضرورة