[وقف استحقاقى وتفسير شرط الواقف بالقرائن]
المفتي
حسن مأمون.
رجب ١٣٧٦ هجرية - ١٩ فبراير ١٩٥٧ م
المبادئ
١ - الوقف على النفس ثم على الزوجة ومن بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا الخ يشمل أولاد الواقف من غيرها كما يشمل أولاد زوجته من غيره ما يشمل أولاد كل منهما من الآخر ما لم يوجد نص أو قرينة فى كتاب الوقف يوضح غرض الواقف ويقيد إطلاقه.
٢ - قول الواقف (على أن من مات من ذرية الواقف المذكور) الخ وقوله (فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف) واشتراط النظر بعده وبعد زوجته للأرشد فالأرشد من ذريته.
كل هذه قرائن على أن غرض الواقف هو حصر استحقاق وقفه بعد الخيرات والسكنى فى ذريته هو خاصة سواء كان مرزوقا بهم من زوجته الموقوف عليها أو من غيرها.
٣ - غرض الواقف يصح مخصصا متى قامت القرينة القاطعة عليه.
٤ - حرمان الواقف أولاد البطون من ذريته حرمانا أبديا لا يعقل معه قصد إعطاء أولاد زوجته من غيره لمنافاة ذلك لغرض الواقف وقصده.
٥ - بصدور القانون ١٨٠ سنة ١٠٥٢ يعتبر نصيب كل مستحق ملكا خالصا له طبقا للمادة ٣ منه.
٦ - تفرز للخيرات حصة تفى غلتها الوفاء بها بعد صدور القانون ١٨٠ سنة ١٩٥٢ طبقا للمادة ٢ منه
السؤال
من السيد / محمد عزمى.
قال إن المرحوم سليمان طاهر ابن الحاج حسين أغا أوقف وقفا وأطلعن على صورة غيرة رسمية من كتاب الوقف الصادر من المرحوم سليمان طاهر ابن الحاج حسين أغا مصيلى بتاريخ غرة المحرم سنة ١٢٨١ هجرية وتبين أنه أوقف العين المبينة بكتاب وقفه المذكور وأنشأه على نفسه ثم من بعده على زوجته الست عبيدة بنت على أبو سعد القونى ثم من بعدها على أولادهما ذكورا وإناثا حسب الفريضة الشرعية ثم على أولادهم وأولاد أولادهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الذكور والإناث من أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم من بعدهم على من يوجد من عتقاء الواقف أو عتقاء ذريته كذلك إلى أن قال على أن من مات من ذرية الواقف المذكور وترك ولدا أو ولد ولد من أولاد الظهور انتقل نصيبه إليه فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه لإخوته وأخواته فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف أو عتقائه أو عتقاء عتقائه على النص والترتيب المذكورين ن وشرط النظر من بعده هو وزوجته للأرشد فالأرشد من ذريته ونسلهم وعقبهم، وشرط أن يصرف من ريع هذا الوقف بعضه فى وجوه بر عينها، وأنه إذا كان أحد من أخوات الواقف خاليا من أزواج واحتاج للسكنى يكون له حق السكنى فى المنزل المذكور مادام خاليا إلى آخر ما جاء بكتاب الأول - وتبين من السؤال أن الست عبيدة زوجة الواقف الموقوف عليها المذكورة توفيت قبله ثم توفى الواقف بعدها قبل سنة ١٩٠٠ دون أن يغير فى هذا الوقف وترك أولاده أحمد من زوجته غير زوجته عبيدة المذكورة ومحمد وحسيبة وفطومة وعبد الله من زوجته عبيدة الموقوف عليها، ثم توفى هؤلاء الأولاد جميعا بعد وفاة الواقف ووفاة زوجته وقبل سنة ١٩٤٠ وترك كل منهم ذرية - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى مدلول قول هذا الواقف (ثم من بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا) هل يشمل أولاد الواقف من غيرها وأولاد زوجته المذكورة من غيره وأولاد كل منهما من الآخر أو أن هذا اللفظ لا يشمل إلا بعض هؤلاء الأولاد دون البعض الآخر
الجواب
إن الأصل فى قول الواقف (ثم من بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا) عند الإطلاق يشمل أولاده من غير زوجته عبيدة الموقوف عليها المذكورة ويشمل أيضا أولاد هذه الزوجة من غيره كما يشمل أولاد كل منهما من الآخر ولك ما لم يوجد فى كتاب الوقف نص أو قرينة يفصح أحدهما عن غرض الواقف ويقيد إطلاق لفظ (أولادهما) وفى هذه الحادثة قد وجدت فى كتاب الوقف قرائن متعددة تقطع بأن غرض الواقف من لفظ (أولادهما) هو أولاده وذريته خاصة سواء أكان مرزوقا بهم من زوجته عبيدة الموقوف عليها أم من زوجة أخرى، ومن هذه القرائن - إن لم تكن نصا صريحا - قول الواقف بعد ذكر هذا اللفظ فى الشروط الاستثنائية (على أن من مات من ذرية الواقف المذكور الخ) وقوله (فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف) ومنها أنه شرط النظر بعده وبعد زوجته للأرشد فالأرشد من ذريته فهذه الشروط إن لم نعتبرها نصا صريحا مقيدا لإطلاق لفظ (أولادهما) .
فإنها تعتبر على الأقل قرائن تدل على أن غرض الواقف هو حصر استحقاق وقفه هذا بعدما شرطه للخيرات وحق سكنى لمن يحتاج لذلك من أخواته فى ذريته هو خاصة المرزوق بهم من زوجته المذكورة ومن غيرها لأن لفظ (ذريته) مضاف للواقف أو للضمير العائد عليه فيشمل جميع أولاده وذريته دون قيد أو شرط، والمنصوص عليه فقها أو غرض الواقف يصلح مخصصا إذا قامت القرينة على ذلك، وقد وجدت هذه القرائن التى تكاد تكون نصا فى ذرية الواقف خاصة وهذا هو ما يتفق مع إرادة الواقفين ويتمشى مع أغراضهم.
أما أولاد زوجة الواقف المذكورة من غيره فلا يشملهم لفظ (أولادهما) للقرائن المذكورة، ولأنه ليس من المعقول أن يحرم الواقف أولاد البطون من ذريته من الاستحقاق فى هذا الوقف حرمانا أبديا ثم يقصد إعطاء أولاد زوجته من غيره المر الذى تظهر منافاته جليا لغرض هذا الواقف وقصده، وهذا كله على اعتبار أن هذه الشروط كلها قرائن فقط وهو أقل الاحتمالين، فإذا اعتبرناها نصا صريحا وهى متأخرة عن لفظ (أولادهما) كان العمل بالمتأخر من الشروط إذا تعذر العمل بها كما ظهور منصوص على ذلك فقها وهنا العمل بها متعذر، لأنه لا يعقل كما قلنا أن يرحم الواقف أولاد البطون من ذريته ويعطى أولاد هذه الزوجة من غيره - وبناء على كل ما ذكر يكون أحمد ابن الواقف المرزوق به من زوجة غير زوجته عبيدة الموقوف عليها مستحقا هو وذريته من أولاد الظهور فى هذا الوقف، وحيث إن هذا الوقف فيما عدا ما شرطه الواقف للخيرات وحق السكنى لمن يتحقق فيها شرطه من أخواته مرتب الطبقات بين الموقوف عليهم من أولاد الظهور ولم ينص فيه الواقف على جعله بمنزلة أوقاف متعددة، ومنصوص فيه على التفاضل بين الذكر والأنثى فى طبقة الأولاد الأولى بعد الواقف وزوجته ولم ينص عليه ولا على التسوية فيما عداها من الطبقات - فبوفاة أولاد الواقف الخمسة أحمد ومحمد وعبد الله وحسيبة وفطومة قبل سنة ١٩٤٠ وهم أفراد الطبقة الأولى من أولاده تنقض القسمة من تاريخ وفاة آخر واحد منهم وتستأنف قسمة جديدة بين أفراد الطبقة التالية لطبقتهم من أولاد الظهور ذكورا وإناثا وهم الموجودون حينذاك من أولاد أحمد ومحمد وعبد الله فقط، ويقسم بينهم فاضل ريع هذا الوقف بالسوية بين الذكر والأنثى، وذلك لأن هذا الوقف مرتب الطبقات فتنقض فيه القسمة بانقراض هذه الطبقة، ولم ينص الواقف على التفاضل ولا على التسوية فيما عدا الطبقة الأولى، فتكون القسمة بالسوية كما هو منصوص عليه ذلك فقها، أما أولاد كل من حسيبة فطومة فإنهم لا يستحقون شيئا بعد وفاتها لأنهم أولاد بطن نص الواقف على حرمانهم كما ذكرنا.
وبصدور القانون رقم ١٨٠ لسنة ١٩٥٢ الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصير نصيب كل من كان موجودا فى يوم ١٤ سبتمبر سنة ١٩٥٢ وهو ابتداء تاريخ العمل بهذا القانون من أولاد أحمد ومحمد وعبد الله ذكرا كان أو أنثى ملكا له من هذا التاريخ طبقا للمادة الثالثة منه - أما استحقاق الخيرات التى عينها الواقف فإنها تفرز لها حصة تضمن غلتها الوفاء بها طبقا للمادة الثانية من هذا القانون - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم