[حكم رهن الأرض والنخيل]
المفتي
أحمد هريدى.
٩ مايو ١٩٧٣ م
المبادئ
رهن الأرض أو النخيل مقابل الانتفاع بها إلى أن يسدد الدين حرام شرعا، لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا
السؤال
من السيد /.
بطلبه المتضمن أن أهالى بلدته يتعاملون برهن الأراضى الزراعية والنخيل.
وتتلخص هذه المعاملة فى أنه إذا أراد شخص مبلغا من المال لأى عذر من الأعذار وكان يملك أرضا زراعية أو نخيلا، فإنه يأخذ المبلغ المحتاج إليه من شخص يملك مالا ويحرر لهذا الدائن عقد رهنية للأرض أو النخيل - وبمقتضى هذا العقد يتسلم الأرض أو النخيل، ويقوم إما بزراعتها أو تأجيرها ويستولى على زراعتها أو إيجارها أو ريعها، ولا يدفع إيجارا لصاحب الأرض أو صاحب النخيل، وتمكث الأرض أو النخيل فى يده يستغلها كيف يشاء، إلى أن يسدد الدائن دينه بالكامل مهما طال الزمن.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا التعامل، وهل هو جائز شرعا أو حرام، حتى يعرف أهل البلدة أنه حلال فيتعاملون به، أو حرام فيمتنعون عن التعامل به
الجواب
المقرر فقها أن عقد الرهن هو عقد استيثاق لا استثمار واسترباح وعلى هذه المشروعية العامة اتفق الفقهاء.
ويكون عقد الرهن بناء على هذا هو عقد ضمان للدين، بمعنى الصك والكفيل، كما اتفق الفقهاء أيضا على أنه ليس للدائن بمقتضى هذا العقد أن ينتفع بشىء من العين المرهونة.
وقد اختلفوا فى الانتفاع بالعين المرهونة فى حالة ما إذا أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها.
فغير الحنفية يقولون إنه لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وإن أذن صاحبها للدائن بالانتفاع بها، لأنه انتفاع جره قرض وهو منهى عنه بالحديث - وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم (كل قرض جر نفعا فهو ربا) - أما الحنفية فقالوا فى معتبرات كتبهم بجواز الانتفاع بالعين المرهونة إذا أذن المالك للدائن بالانتفاع لأنه ملكه وللمالك أن يأذن لمن يشاء فى الانتفاع بملكه.
ويقولون إن الانتفاع بالرهن انتفاع جره الإذن ولم يجره القرض فلا يكون حراما.
والذى نراه أنه إذا تم عقد الرهن بين الطرفين ولم يتفق فى العقد على الانتفاع بالعين المرهونة، ولم يكن ذلك الانتفاع متعارفا كالمشروط وإن لم يتفق عليه، ثم بعد فترة من الزمان أذن المالك للدائن فى الانتفاع بالعين المرهونة لفترة محددة من الزمان متبرعا بذلك من تلقاء نفسه وبغير طلب من المرتهن، فإنه فى هذه الحالة فقط يحل للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة طوال الفترة التى حددها له الراهن.
وذلك لأن الراهن يملك العين المرهونة ويملك منفعتها، فإذا أذن للمرتهن فى الانتفاع فقد ملكه بعض ما يملك، ولا حرج فى ذلك شرعا إذا كان إذن المدين للدائن بالانتفاع بالعين المرهونة ليس إذنا صوريا اضطرته إليه ظروف الدين.
أما الرهن على الوجه المشروح فى الحادثة موضوع السؤال فهو حرام شرعا ويجب الامتناع عن التعامل به، لأنه قرض جر نفعا فيكون ربا.
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم