سمعت أن البترول فيه زكاة ومقدارها الخمس، فهل هذا صحيح؟
الجواب
بناء على عموم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} البقرة:٢٦٧ وعلى ما رواه الجماعة عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "والمعدن جُبار وفى الركاز الخمس " تحدث الفقهاء عما يوجد فى باطن الأرض وحصل عليه الإنسان بدون بذل مال أو جهد، وأسموه الركاز وأوجبوا فيه الزكاة بمقدار الخمس، كما تحدثوا عن المعادن المستخرجة من الأرض بجهد كالذهب والبترول والكبريت، وأوجبوا فيها الزكاة على خلاف بينهم فى أنواعها ومقدارها، فقال الشافعى ومالك: لا زكاة إلا فى الذهب والفضة فقط، وقال أحمد بن حنبل: تجب الزكاة فى كل ما يستخرج من الأرض حتى القار والنفط والكبريت، وخص أبو حنيفة الزكاة فى الجامد الذى يتمدد أويذوب بالنار كالحديد والذهب، أما المائع كالقار والنفط فلا زكاة فيه، وكذلك ما لا يتمدد بالنار أو يذوب كالياقوت وكل ما يسمى بالأحجار الكريمة فلا زكاة فيه.
والقدر الواجب فى المعدن عند مالك والشافعى وأحمد هو ربع العشر عند العثور عليه، دون اشتراط لحولان الحول. أما عند أبى حنيفة فهو الخمس، قلَّ أو كثر.
ثم إن جمهور العلماء على أن الخمس إذا وجب فى الركاز فهو على كل من وجده، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، وقصره الشافعى على من توفرت فيه شروط الزكاة ويصرف فى الوجوه التى تصرف فيها الزكاة، لكن الجمهور جعله كالفىء، مستندا فى ذلك إلى أثر عن عمر رضى الله عنه.
بعد ذلك يمكن أن يقال: إن فى البترول زكاة على رأى أحمد بن حنبل، ولا زكاة فيه عند بقية الأئمة. ولو كان تشريع الزكاة معمولا به كبقية القوانين جاز لأولى الأمر أن يفرضوا عليه زكاة وبخاصة إذا كان له تأثير فعال فى الاقتصاد القومى.
وإذا كان الذى يملك البترول هم المسئولون أى إنه ملك للدولة فهل تجب الزكاة فيه؟ إن ما شرع بخصوص الركاز والمعادن هو بالنسبة إلى الأفراد والشركات المستقلة، أما إذا كانت الدولة هى التى تملك البترول، فهو مالها الذى هو مال الشعب كله يُنفَق فى مصالحه، ولا معنى لفرض زكاة عليه فالزكاة من أجل الأصناف والمجالات التى تحتاج إليها، والمملوك للدولة داخل ضمن الميزانية العامة كمورد من الموارد التى تصب فى بيت المال أو خزانة الدولة يترك لولى الأمر التصرف فيه بما يحقق المصلحة المشروعة