[صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ورد سؤال من مدينة سعرت بتركيا يقول: فى مدينتنا تؤدى فريضة الظهر جماعة بعد أداء صلاة الجمعة. فهل هذا من الدين؟
الجواب
المعروف أن صلاة الجمعة بدل من صلاة الظهر، فلو أديت الجمعة على وجهها الصحيح أغنت عن صلاة الظهر، وإذا لم تؤد، أو أديت على غير وجهها الصحيح وجبت صلاة الظهر.
والأصل أن تقام جمعة واحدة فى مكان واحد، لسماع الخطبة الموحَّدة من الإمام حيث يستمعون إلى نصائحه وتوجيهاته، وتبلغهم دعوة الدين فلا يكون لهم عذر فى التقصير.
وكان العمل على ذلك أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فى المدينة، حيث كان المسجد النبوى يسع المصلين، وحيث كان الخليفة هو الذى يؤمهم ويخطبهم، ولما اتسع العمران وانتشر المسلمون وضاق المسجد الجامع فى الأمصار عن استيعاب كل المصلين أقيمت جمعة أخرى فى مسجد آخر، وهنا اختلف العلماء فى هذا الوضع، هل هو جائز أو لا وإذا جاز هل صحت الجمعتان أو صحت جمعة واحدة؟ وعلى فرض صحتهما أو صحة إحداهما هل هناك محل لصلاة الظهر أو لا؟ جاء فى كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية ما يأتى:
١- الحنفية قالوا: تصح إقامة الجمعة فى مواضع كثيرة فى المصر أو فى فنائه على الأصح، فتعدد الجمعة فى المساجد لا يضر، ولو سبق أحدها الآخر فى الصلاة على الصحيح. إلا أن الأحوط أن يصلى أربع ركعات بنية آخر ظهر، والأفضل أن يصليها فى منزله حتى لا يعتقد العامة فرضيتها، فإن تيقن أنه سُبِق بالصلاة فى مسجد آخر كانت هذه الصلاة واجبة، وإن شك كانت هذه الصلاة مندوبة.
٢ - والشافعية قالوا: إن تعددت الجمعة لحاجة كضيق المسجد الواحد عن استيعاب عدد المصلين فكلها صحيحة، وتسن مع ذلك صلاة الظهر ولا تجب، أما إن تعددت الجمعة لغير حاجة، فإن تيقن سبق واحدة صحت وبطل غيرها، وعلى من بطلت صلاتهم أن يصلوها ظهَرا إن لم يمكنهم أداؤها خلف الجمعة السابقة - والعبرة فى السبق بتكبيرة الإحرام، وإن تيقن أن الجمع كلها متقارنة ليس فيها سبق واحدة على الأخرى بطلت الجُمَعُ كلها، ويجب عليهم الاجتماع لإعادتها إن أمكن، وإلا صلوها ظهرا وكذلك الحكم لو حصل الشك فى السبق والمقارنة. .
٣- والمالكية قالوا: لا تصح الجمعة إلا فى الجامع القديم، وتصح فى المسجد الجديد الذى ينشأ بعد القديم بشرط ألا يُهجر القديم، وأن تكون هناك حاجة لبناء هذا المسجد الجديد، كضيق القديم وعدم إمكان توسعته وكعداوة فى ناحيتين من البلد يخشى من اجتماع الناس فى مسجد واحد أن تكون فتنة، وكذلك تصح فى المسجد الجديد إن حكم الحاكم بصحتها فيه، ولو اختل شرط بطلت الجمعة ووجبت صلاة الظهر.
٤ - والحنابلة قالوا مثل ما قال الشافعية أو قريبا منه.
وعلى هذا لو تعددت الجمعة لحاجة فهى صحيحة، ومع ذلك قال الحنفية: الأحوط صلاة الظهر بعدها فى المنزل، وقال الشافعية: تسن صلاة الظهر. ولم يقل أحد تبطل صلاة الظهر وتحرم فى هذه الحالة، فمن شاء صلاها ومن شاء تركها.
هذا هو ما فى كتب الفقه، وهو اجتهاد غير منصوص عليه فى قرآن أو سنة، فمتى صحت الجمعة بالشروط المنصوص عليها فى القرآن والسنة وما تركه الخلفاء الراشدون فلا تجب صلاة الظهر عند تعدد الجمعة ولا عند عدم تعددها