للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث: لا تجتمع أمتى على ضلالة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل من الحديث "لا تجتمع أمتى على ضلالة"؟ وهل يعنى أن الإجماع حجة؟

الجواب

ذكر القسطلانى فى "المواهب اللدنية" وشارحه الزرقانى "ج ٥ ص ٣٨٨" أن من خصائص الأمة المحمدية أنهم لا يجتمعون على ضلالة أى إذا اجتمعوا على حكم كان عند الله كذلك، رواه أحمد فى مسنده، والطبرانى فى الكبير وابن أبى خيثمة فى تاريخه عن أبى بصرة مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ "سألت ربى ألا تجتمع أمتى على ضلالة فأعطانيها" والمراد بالأمة أمة الإجابة التى آمنت به، وليست أمة الدعوة التى أُرسل إليها فقد كفر منها الكثيرون.، ورواه ابن أبى عاصم، والطبرانى أيضا من حديث أبى مالك الأشعرى "إن الله تعالى أجاركم من ثلاث خلال، ألا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وألا تجتمعوا على ضلالة".

قال السخاوى فى "المقاصد الحسنة" إنه حديث مشهور المتن وأسانيده كثيرة، أى متعددة الطرق والمخارج، وذلك علامة القوة، فلا ينزل عن الحسن فقد أخرجه أبو نعيم والحاكم وابن منده عن ابن عمر مرفوعا بلفظ "إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدا، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ فى النار" وكذا أخرجه الترمذى، وأخرجه أيضا ابن ماجه والدارقطنى عن أنس مرفوعا، والحاكم عن ابن عباس ورفعه، وابن أبى عاصم وغيره مرفوعا عن عقبة ابن عمرو الأنصارى، وله شواهد متعددة فى المرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم كقوله "أنتم شهداء الله فى الأرض" وفى غير المرفوع إليه وهو الموقوف، كقول ابن مسعود: إذا سئل أحدكم فلينظر كتاب الله، فإن لم يجد ففى سنة رسول الله، فإن لم يجد فلينظر ما اجتمع عليه المسلمون، وإلا فليجتهد.

يقول الزرقانى: هذا، والاختلاف شامل لما كان فى أمر الدين كالعقائد أو الدنيا. كالإمامة العظمى، ومعنى "فعليكم بالسواد الأعظم" الزموا متابعة جماهير المسلمين الذين يجتمعون على طاعة السلطان وسلوك المنهج القويم، فهو الحق الواجب والفرض الثابت الذى يحرم خلافه، فمن خالفه مات ميتة جاهلية.

ثم ذكر القسطلانى عقب ذلك من فضائل الأمة المحمدية أن إجماعهم حجة قاطعة، وأن اختلافهم -أى اختلاف المجتهدين- رحمة أى توسعة على الناس، وذلك فى الفروع، أما الاختلاف فى الأصول فهو ضلال. انتهى.

وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى {وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله} الأنعام: ١١٦ لأن المراد هنا أمة الدعوة، وكثير منهم لم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} يوسف: ١٠٣.

وحجِّية الإجماع أشار إليها القسطلانى بأنها من دعائم الاجتهاد لمعرفة الأحكام الشرعية، وسيأتى الكلام عنها فيما بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>