للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رعاية ولد الزنا]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

إذا رأيت طفلا ملقى فى مكان مجهول هل أتركه أم آخذ٥؟

الجواب

يغلب أن تلقى المرأة بولدها إن كان من زنا فى شارع أو مكان ليموت بعيدا عنها أو يأخذه إنسان يربيه، ومعلوم أن الزنا من أكبر الفواحش والموبقات التى أجمعت الأديان على تحريمها، والذى يرتكب هذه الفاحشة عامدا متعمدا يكفر إن اعتقد أنها حلال، لأن حرمتها معلومة من الدين بالضرورة، ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع أما ارتكابها مع اعتقاد حرمتها فهو عصيان لا يخرج من الدين وعقوبتها الجلد مائة إن كان لم يسبق للزانى زواج أى غير محصن، والرجم إن سبق له زواج أى كان محصنا.

والذى يتحمل تبعة هذه الفاحشة هو من وقع فيها، أما الولد الناتج منها فلا مسئولية عليه، لأنه لا يد له فيها ولم يوجد بعد حتى يكلف، وهو إن أحسنت تربيته ربما نشأ مستقيما، وإن أهمل بأى نوع من الإهمال تعرض للموت أو الانحراف، شأن كل اللقطاء الذين لا يهتم بتربيتهم.

وإذا تخلص من ارتكب. هذه الفاحشة من ثمرة جريمته بإلقائه فى شارع أو مكان خال وجب التقاطه إن كان حيا، ووجب على المسلمين الذين تمثلهم السلطة أن يرعوا هؤلاء اللقطاء. ويحرم عليهم تركهم يتعرضون للموت أو الانحراف، فقد تكون منهم شخصيات بارزة تفيد منهم الإنسانية.

والدليل على وجوب حماية اللقيط أو المولود من زنى حادث المرأة الجهنية التى حملت من سفاح، وطلبت من النبى صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليها الحد وهى حامل فأرجأه حتى تضع الجنين، بل حتى ترضعه ويفطم ويستغنى عنها، كما رواه مسلم.

وقد قرر الفقهاء وجوب التقاطه بناء على قوله تعالى {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} المائدة: ٣٢ إلى جانب الأمر بعمل الخير فى قوله تعالى {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} الحج: ٧٧ والأمر بالتعاون على البر فى قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} المائدة: ٢.

بل احتاط الإسلام فى رعاية هذا المنبوذ فاشترط الفقهاء فى لاقطه أو من يرعاه أن يكون صالحا لرعايته، أمينا رشيدا حسن السلوك، وقرروا له نفقة تكفى لرعايته رعاية حسنة، وحرموا رميه بأنه ابن زنا، فإنه لا ذنب له فى ذلك، وقرروا بناء على الحديث ضم ولد الملاعنة التى رماها زوجها بالزنا ونفى الولد عنه - إلى أمه، وذلك مظهر من مظاهر رعايته وعدم إهماله.

وجاء فى كتاب "كشف الغمة" للشعرانى ج ٢ ص ١٣٨: لما تلاعن هلال وزوجته قضى النبى صلى الله عليه وسلم ألا يرمى ولدها -يعنى لا يقذف بأنه ابن زنا ومن رماه فعليه الحد. قال عكرمة: فكان الولد بعد ذلك أميرا على مصر-أى على بلد من البلاد- وما يدعى إلا لأمه.

"يراجع الجزء الرابع من موسوعة: الأسرة تحت رعاية الإسلام "

<<  <  ج: ص:  >  >>