للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتابة الوصية قبل النوم]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل ورد حديث يأمر الإنسان بكتابة وصيته قبل أن ينام؟

الجواب

روى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما حق امرئ مسلم له شىء يوصى فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".

الوصية فى الشرع تصرف مضاف لما بعد الموت، وهى تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة، وتكون بطريق التبرع دون مقابل، ويفرق بينها وبين الهبة بأن الهبة تمليك فى حال الحياة، وهى لا تكون إلا بالعين، لا بالدين ولا بالمنفعة.

والوصية مشروعة بالكتاب كما قال تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} البقرة: ١٨ وكما قال {يا أيها الذين آمنوا شهاده بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم} المائدة:

١٠٦ ومشروعة بالسنة للحديث الذى سبق ذكره، ولما رواه ابن ماجه مرفوعا "من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفورا له" وقد أجمعت الأمة على مشروعيتها. ولكن ما هو مدى مشروعيتها؟ هناك ثلاثة آراء:

الرأى الأول: أنها واجبة على كل من ترك مالا، قليلا كان أو كثيرا، وهو مروى عن ابن عمر وطلحة والزبير وبعض التابعين، بدليل آية البقرة المذكورة آنفا.

والرأى الثانى: أنها تجب للوالدين والأقربين الذين لا يرثون الميت، بدليل الآية نفسها، وهو رأى مسروق وابن جرير.

والرأى الثالث: وهو رأى الأئمة الأربعة- أنها ليست فرضا على الوجه المذكور فى الرأيين الأولين بل تعتريها الأحكام الخمسة.

١- فقد تكون واجبة إذا كان على الإنسان حق شرعى يخشى أن يضيع إن لم يوص به كوديعة ودين لله أو لآدمى.

٢- وقد تكون مستحبة، وذلك فى الطاعات وللأقارب والصالحين.

٣- وقد تكون محرمة، إذا كان فيها إضرار بالورثة، لحديث رواه النسائى مرفوعا برجال ثقات "الإضرار فى الوصية من الكبائر" كما تحرم إذا أوصى بمحرم كالخمر.

٤- وتكون مكروهة إذا كان الموصى قليل المال وله وارث أو ورثة يحتاجون إليه، كما تكره لأهل الفسق إن غلب على الظن أنهم يستعينون بها عليه.

٥- وتكون مباحة إذا كانت لغنى سواء أكان الموصى له قريبا، أم بعيدا والوصية-كما قال العلماء -من العقود التى يجوز تغييرها والرجوع فيها من الموصى سواء أكان الرجوع بالقول أم بالفعل كالتصرف فيها بما يزيل ملكه عنها بمثل البيع.

هذا، وجمهور العلماء على عدم جواز الوصية بما يزيد على الثلث إن لم يكن له وارث وأجازها أبو حنيفة "نيل الأوطار للشوكانى ج ٦ ص ٤٢ ".

ويمكن الرجوع إلى ص ٣٨٩ من المجلد الثانى من هذه الفتاوى لمعرفة حكم الوصية للوارث وما أخذ به قانون الأحوال الشخصية فى مصر

<<  <  ج: ص:  >  >>