[الفتح والذنب]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
أرجو تفسير قوله تعالى {إنا فتحنا لك فتحا مبينا. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} الفتح: ١.
وماذا كان هذا الفتح، والذنب الذى تأخر وتقدم للرسول صلى الله عليه وسلم؟
الجواب
الفتح المذكور فى الآية هو صلح الحديبية فى السنة السادسة من الهجرة لأنه كان مقدمة لفتح مكة فى السنة الثامنة من الهجرة، وهو قول كثير من المفسرين.
والذنب الذى غفره الله للرسول مختلف فيه كثيرا، فالمتقدم منه ما كان قبل الرسالة، والمتأخر ما كان بعدها، أو المتقدم ما كان قبل الفتح والمتأخر ما كان بعده.
والكلام كثير فى وقوع الذنب من الرسول.
فالإجماع على أن الكبائر لم تقع منه أو من الرسل الآخرين بعد تشريفهم بالرسالة، أما الصغائر فقيل تقع منهم بشرط ألا تكون فيها خسة لا تليق بمقامهم.
وقيل: إن ما يقع منهم هو صورة الذنب وليس ذنبا، بل هو من باب:
حسنات الأبرار سيئات المقربين.
والمهم هو بيان الربط بين الفتح والمغفرة للذنوب وأثرها فى نفس الرسول.
وقد ثبت أن الرسول فرح بنزول هذه الآية، كما رواه الترمذى بسند حسن صحيح عن أنس قال: أنزلت على النبى-صلى الله عليه وسلم- {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} . مرجعه من الحديبية فقال: " لقد أُنزلت علىَّ آية أحب إلىَّ مما على وجه الأرض " ثم قرأها.
وفى الربط بين الفتح والمغفرة قال الزمخشرى: لم يجعل الفتح علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدَّد من الأمور الأربعة وهى: المغفرة، وإتمام النعمة، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز، كأنه قال:
يَسَّرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك ليجمع لك عز الدارين وأعراض العاجل والآجل.
ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدو سببًا للغفران والثواب.
ويكفى هذا القدر، ومن أراد الزيادة فعليه بكتب التفسير