بنى رجل مسجدا وأوصى أن يدفن فيه فهل تصح الوصية ويلزم تنفيذها؟
الجواب
أجاب الشيخ عبد المجيد سليم بتاريخ ٢٢ من يونية ١٩٤٠ م على مثل هذا السؤال بأن ابن تيمية أفتى بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت، لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره، فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر، وأن المسجد لو كان موجودا ثم دفن فيه ميت وجب أن يسوى القبر وينبش ويخرج منه الميت إن كان جديدا، وعلَّل ذلك بأن الدفن فى المسجد إخراج لجزء منه عما جعل له من الصلوات والذكر وتدريس العلم، وذلك غير جائز شرعا، وبأن إنشاء قبر فيه يؤدى إلى الصلاة إليه أو عنده، وذلك منهى عنه، وأورد فى كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم " ص ١٥٨ بعض الأدلة على النهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها، منها حديث مسلم "لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا إليها" وقال ابن تيمية أيضا: لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق.
إن هذا الحكم مبنى على مذهب الإمام أحمد الذى يأخذ به ابن تيمية وابن القيم، وعند الشافعية أن ذلك ليس بحرام ولكنه مكروه، قال النووى فى شرح المهذب "ص ٣١٦" قال الشافعى والأصحاب: وتكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحا أو غيره، قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفرانى رحمه الله: ولا يصلى إلى قبر ولا عنده، تبركا به ولا إعظاما له، للأحاديث.
فالحكم عندهم هو الكراهة التنزيهية لا التحريمية ولا الحرمة، ومناط الحكم بذلك هو التبرك والإعظام، فإذا لم يكن تبرك ولا إعظام فلا كراهة على هذا.
أما الحنفية فالدفن فى المسجد أولى بالحظر من الصلاة على الجنازة فى المسجد، الوارد فيها حديث "من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له" لأن فيها كما قال صاحب الهداية -إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من العبادة بالصلاة والذكر والعلم، وصلاة الجنازة فى المسجد مكروهة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره "الفتاوى الإسلامية المجلد الثانى صفحة ٦٥٥" وهى سنة عند الشافعية وجائزة عند الحنابلة إن لم يخش تلويث المسجد.
هذا إذا كان الدفن داخل المسجد أما إذا كان بجواره خارجا عنه فلا حرمه ولا كراهة