للسماسرة نشاط كبير فى التجارة، فهل عملهم حلال، وما حكم المال الذى يكسبونه من ذلك؟
الجواب
السمسار هو الوسيط الذى لم يأخذ صفة الوكيل الشرعى، ولا يفيد كلامه مع الناس تعاقدا شرعيا ملزما، لأنه لا يملك السلعة التى يتوسط فى بيعها أو شرائها، وما يأخذه من الناس فى سبيل إتمام الصفقة إن كان بسخاء نفس فلا مانع منه، وإلا فهو سحت. وقد يحكم له بأجر المثل على العمل الذى أتمه.
لكن إن أخذ صفة الوكيل، بأن قال له شخص: اشتر لى هذه السلعة، وسأعطيك كذا فى مقابل تعبك وعملك فلا حرمة فى العمل ولا فى الكسب. أما إذا قال له: اشتر لى هذه السلعة وسأعطيك ١٠ % (عشرة فى المائة) من الثمن يجب عليه أن يكون صادقا فى الإخبار عن الثمن، فإن كذب وزاد فيه حتى تزيد عمولته كان ذلك حراما فالواجب على من يقوم بالوساطة على صفة الوكالة أو الإجارة أن يكون صادقا وأمينا ورحيما حتى يبارك اللَّه له فى كسبه.
وأحذر الوكلاء والمفوضين فى توريد أو شراء شىء لشخص أو شركة أو هيئة مثلا أن يتفقوا مع مالكى السلعة على تحرير مستندات بثمن أعلى ليحصله من الجهة التى فوضته فى حين أنه دفع أقل من ذلك، ليأخذ الفرق له، فتلك خيانة، فإذا وافق من فوضوه على أنه دفع ثمنا أو اتفق على سعر أقل من المعتاد. على أن يكون الفرق له فهو حلال. والمهم أن يكون صادقا غير متواطئ على الكسب بهذه الحيل، وألا يكون فيها خسارة للجهة الموردة أو المالكة للسلعة، لأنها غير موافقة أو لأنها جاهلة بتصرف من باع هذه السلعة.
وأمثال هذه التصرفات البعيدة عن موافقة الطرفين مظنة للاتهام، بل مدرجة إلى ارتكاب أمور خطيرة، ستكشف الأيام عنها، وبخاصة إذا اختصم اللصان. ومندوب المشتريات الذى يأخذ من البائع عمولة أو إكرامية، لأنه اشترى منه وآثره على غيره، أو أخذ منه كميات كبيرة، إن تمت الصفقة على الشروط والمواصفات والثمن المعلن عنه، ولم يكن هناك ظلم ولا اختلاس كان ما يعطيه البائع - شخصا أو شركة أو غيرهما-كهدية له لا مانع منه شرعا، أما إن كان هناك غش فى التغاضى عن بعض الشروط والمواصفات، أو ظلم لمن رسا عليه المزاد مثلا كان ما يأخذه حراما، سواء شرطه على مالك السلعة أم لم يشرطه.
ومع ذلك ينبغى التعفف عنه بقدر الإمكان، والقيام بالواجب المنوط به على الوجه المرضى، دون نظر إلى هدية أو مكافأة -مادية أو أدبية - فيؤديه بحكم وظيفته أو عمله، والأمر يعود بعد ذلك إلى من أعطاه وبقدر نيته يكون جزاؤه عند الله.
وإذا كانت الشبهات من باب الحلال، أى غير الحرام، فالأولى البعد عنها، فإن أقل ما فيها هو القيل والقال. وما عند الله خير وأبقى لمن أخلص فى عمله راجيا ثوابه، قال تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنَّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} الكهف: ٣٠