ليكن معلوما أن أحوال الآخرة من الغيب لا تعرف إلا بخبر صادق من القرآن والسنة، واعتقاد هذه الأحوال يكون عن نص قطعى الثبوت والدلالة وما وراء ذلك يدخل فى دائرة الاجتهاد الذى لا يلزم اعتقاد نتيجته، ولا يكفر من لا يصدقه.
وقد جاء فى القرآن الكريم قوله تعالى:{فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين} الأعراف: ٦.
وهو سؤال عن التبليغ لا عن الأعمال التى يمارسها كل مؤمن ليجازى عليها، فذلك ما يطلق عليه اسم الحساب الذى يتصل به عرض الكتاب وقراءته {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} الأنبياء: ٤٧. غير أن هناك استثناءات من الحساب جاء بعضها فى الحديث المتفق عليه أن سبعين ألفا من أمة النبى صلى الله عليه وسلم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وعينهم بقوله "وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ".
ومن المعلوم أن الرسل قد عصمهم الله من الذنوب وغفر لهم ما عسى أن يكون قد صدر عنهم فى صورة ذنب وهو ليس بذنب، وما دام الله قد غفر لهم فعلى أى شيء يحاسبهم حساب مناقشة، وإذا كان المذكورون من السبعين ألفا لا يرقون إلى درجة الأنبياء والرسل قد أعفاهم الله من الحساب فهل يكون للأنبياء والرسل حساب؟ نعم سيسألون عن تبليغ الرسالة كشهادة على أممهم أما سؤال الحساب وما يترتب عليه من جزاء فلا.
وإذا كان الأنبياء لا يسألون فى القبر فكيف يحاسبون يوم القيامة؟ يقول الشيخ العدوى فى كتابه "مشارق الأنوار" ص ٢٩: اتفق جمهور أهل السنة على عدم سؤال شهيد الحرب، والسر فى ذلك كونهم أحياء فلذلك لا يُغسَّلون وكذلك الرسل والأنبياء لا يسألون أيضا على التحقيق