للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز صلاة الجمعة فى المسجد المقام فى أرض المعارض]

المفتي

حسنين محمد مخلوف.

رجب ١٣٦٧ هجرية - يونية ١٩٤٨ م

المبادئ

يجوز صلاة الجمعة فى المسجد المقام على أرض المعارض على المذاهب الأربعة

السؤال

هل يجوز صلاة الجمعة فى المسجد المقام بأرض المعارض علما بأنه يشترط للدخول فى المعرض دفع رسوم مقرر بحيث لا يمسح بدخوله لمن لم يدفعه وهل ذلك مخل بصحة صلاة الجمعة فى هذا المسجد

الجواب

اطلعنا على الاستفتاء المتضمن أن بداخل أرض المعرض مسجدا تقام فيه صلاة الجمعة إلا أنه يشترط للدخول فى المعرض دفع رسم مقرر بحيث لا يسمح بدخوله لمن لم يدفعه.

فهل ذلك مخل بصحة صلاة الجمعة فى هذا المسجد. والجواب أن من شروط صحة الجمعة عند الحنفية أن يقيمها السلطان أو من يأمره بإقامتها لأنها لا تقام إلا بجمع عظيم وقد تقع المنازعة بل المقاتلة بين الناس من أجل التقدم لإقامتها لأنه يعد شرفا ورفعة فيتسارع إليه كل من مالت همته إلى الرياسة فيقع التجاذب والتنازع وقد يؤدى إلى التقاتل وفيه ما فيه من الفتنة والفوضى والإفضاء إلى تفويتها ولا سبيل إلى حسم ذلك إلا بأن يكون التقدم إليها بأمر السلطان الذى تعتقد طاعته وتخشى عقوبته فكان هذا شرطا لابد منه تتميما لأمر هذا الغرض.

وإليه ذهب الحسن البصرى والأوزاعى وحبيب بن أبى ثابت وجرى عليه العمل فى الديار المصرية منذ قرون إلى الآن.

وذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم اشتراطه كما نقله ابن قدامة فى المغنى ولما كان اشتراط إقامتها بالسلطان أو نائبه إنما هو للتحرز عن تفويتها وهذا لا يحصل إلا بالإذن العام.

شرط الحنفية لصحتها الإذن العام من مقيمها وهو يأذن للناس إذنا عاما بدخول الموضع الذى تصلى فيه بحيث لا يمنع أحد من دخوله ممن تصح منه الجمعة ولذا قالوا لو أغلق الإمام باب قصره وصلى بأصحابه الجمعة لم يجز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فتجب إقامتها على سبيل الاشتهار ليجتمع الناس لها ولا تفوت على أحد قال فى الكافى.

والإذن العام وهو أن تفتح أبواب الجامع ويؤذن للناس حتى لو اجتمعت جماعة فى الجامع.

وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز - وكذا السلطان إذا أراد أن يصلى بحشمه فى داره فإن فتح بابها وأذن للناس إذنا عاما جازت صلاته شهدتها العامة أولا وإن لم يفتح أبواب داره وأغلقها وأجلس البوابين ليمنعوا الناس من الدخول لم يجز لأن اشتراط السلطان للتحرز عن تفويتها ولذا لا يحصل إلا بالإذن العام.

قال العلامة ابن عابدين وينبغى أن يكون محل النزاع ما إذا كانت لا تقام إلا فى محل واحد أما لو تعددت فلا لأنه يتحقق التفويت كما أفاده التعليل.

وهو قوله لأن اشتراط السلطان.

وهذا الشرط لم يشترطه الأئمة الثلاثة ولم يذكر فى كتب ظاهر الرواية عنه الحنفية وإنما ذكر فى كثير من معتبرات كتبهم كالكنز والواقية والملتقى وعلله فى البدائع بأن الله تعالى شرع النداء لصلاة الجمعة بقوله {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} الجمعة ٩، والنداء للاشتهار وكذا تسمى جمعة لاجتماع الجماعات فيها فاقتضى أن تكون الجماعات كلها مأذونين بالحضور تحقيقا لمعنى الاسم.

ومن هذا يعلم أن أداء صلاة الجمعة فى هذا المسجد جائز على جميع المذاهب الأربعة.

أما على المذاهب الثلاثة فظاهر لعدم اشتراط الإذن العام وأما على مذهب الحنفية فلأن الإذن العام متحقق فيه لعدم منع أحد ممن بداخل المعرض من الدخول فيه لأداء الجمعة، وكذا ممن هو خارج المعرض لإمكان الدخول بدفع الرسم المقرر الذى لم يشرط للدخول للصلاة بل للدخول فى المعرض وهو بمثابة غلق باب القلعة التى بداخلها المسجد لعادة قديمة كما ذكر فى شرح الدر على أنه يمكنه أداء الجمعة فى مسجد آخر من المساجد التى تقام فيها الجمعة بالقاهرة فلا تفوته بعدم الدخول إلى المعرض.

وقد علمت مما حرره ابن عابدين أن الجمعة إذا كانت تقام فى مساجد متعددة بمصر لا ينبغى أن تكون محل نزاع.

والله تعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>