نذرت لله أن أصوم من كل أسبوع الإثنين والخميس وأن أختم القرآن كل أسبوع وبدأت فى ذلك حتى مرضت فلم أستطع الوفاء بالنذر فماذا أفعل؟
الجواب
معلوم أن النذر إذا كان فى طاعة لله واجب الوفاء به كما قال تعالى {وليوفوا نذورهم} الحج: ٢٩ وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" ومن نذر صيام أيام معينة ثم عجز عن الصوم لمرض، فإن كان مرضه لا يرجى برؤه وجب أن يكفر عن هذا النذر الذى حنث فيه، وذلك بكفارة الحنث فى اليمين، وهى إطعام عشرة مساكين بما يكفى غداؤهم وعشاءهم أو كسوتهم، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام لا يشترط فيها التتابع، أما إن كان مرضه يرجى شفاؤه فالصوم متعلق بذمته حتى يبرأ من المرض ويصوم، فإن مات كان حكمه حكم من مات وعليه صيام رمضان، فذهب جماعة إلى الصيام عنه كما نص الحديث المتفق عليه، وذهب آخرون إلى الإطعام، لحديث رواه عبد الرزاق "لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم".
وفى نيل الأوطار للشوكانى "ج ٨ ص ٥٦" جاء فى صحيح مسلم عن عقبة بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "كفارة النذر كفارة يمين" وجاء فى رواية غير مسلم "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" وجاء فى سنن أبى داود عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا فى معصية فكفارته كفارة يمين. ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به " وهذا الحديث قال عنه النقاد: إن الأصح أنه موقوف على ابن عباس، وليس مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم ورواه ابن ماجه، وفى إسناد ابن ماجه من لا يعتمد عليه.
ومهما يكن من شىء فإن النووى قال فى الحديث الأول -اختلف العلماء فى المراد بهذا الحديث. فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج -أى غير المجازاة- فهو مخير بين الوفاء بالنذر أو الكفارة وحمله مالك والأكثرون على النذر المطلق، كقوله "علىَّ نذر" وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذور وقالوا: هو مخيَّر فى جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة اليمين. انتهى يقول الشوكانى: والظاهر اختصاص الحديث بالنذر الذى لم يسم. وأما النذور المسماة إن كانت طاعة فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها، سواء كانت متعلقة بالبدن أو المال.
انتهى.
وبناء على هذا كان للعاجز عن الوفاء بنذر ختم القرآن كل أسبوع أن يخرج كفارة الحنث فى اليمين، وننبه إلى أن بعض العلماء كره النذر الذى فيه إلزام بطاعة غير واجبة فقد يعجز عنها ويخشى العاقبة، وبخاصة نذر المجازاة الذى يكون على مقابل، فهو أشبه بالمتاجرة