الفأل -كما يقول الماوردى فى كتابه " أدب الدنيا والدين " فيه تقوية للعزم وباعث على الخير، ومعونة على الظفر. وقد جاء فى السنن والآثار أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن، ويسأل عن اسم الرجل والبلد، فإن كان حسنا استبشر وفرح، وإلا رؤيت الكراهة فى وجهه. وحوادثه فى ذلك كثيرة، فقد تفاءل عندما جاءه سهيل بن عمرو فى الحديبية وقال " سهل لكم من أمركم " وتفاءل يوم خيبر لما رأى مكاتلهم فى مساحيهم، كما ذكره ابن القيم فى " زاد المعاد " وحسَّنه، ويمكن الاطلاع على كتاب " مفتاح دار السعادة " لابن القيم ففيه معلومات كثيرة ٠ وإذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يرتاح للاسم الحسن فليس معنى ذلك أنه يربط هذا السبب بنتيجة محققة دون تدخل لإرادة الله سبحانه، فقد نهى عن ذلك فيما كان عليه العرب من التطير والرقى والتمائم والعدوى وغيرها ولهذا روى عنه أن الذى يتطير أو يتشاءم يُسَنُّ له أن يقول: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، اللهم لا يأتى بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك. ثم يذهب لحاجته فلن يضره شىء.
وذلك تذكير للإنسان بوحدانية الله سبحانه، وأنه هو وحده الذى يملك الخير والشر، ولا تأثير لهذه الأمور بذاتها. ومن هنا حرم الإسلام محاولة معرفة المستقبل عن طريق الكهانة والعرافة والتنجيم وضرب الرمل والورق وغيرها.
ووردت فى ذلك أحاديث كثيرة وقال العلماء: لا يجوز أخذ الفأل من المصحف مع هذا الاعتقاد، وجاء فى كتاب "أدب الدنيا والدين " للماوردى أن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف، فخرج قوله تعالى {واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد} إبراهيم: ٥١، فمزق المصحف وأنشأ يقول:
أتوعدنى بجبار عنيد * فها أنذاك جبار عنيد.
إذا ما جئت ربك يوم حشر * فقل: يا رب مزقنى الوليد.
فلم يلبث أياما حتى قتل شر قتلة، وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده.
هذا، وقد يحدث أن بعض الناس يعملون استخارة بالمصحف، بأن يربطوه على مسمار، ثم يحمله المسمار على أحدى الأصابع، ويقولوا كلاما فيتحرك المصحف ويدور يمينا أو يسارا، ومن هنا يعرفون إن كان الموضوع الذىَ عملت له الاستخارة خيرا أو شرا.
وهذا كله لم يأت خبر صحيح بجوازه، والاستخارة الشرعية معروفة وهى صلاة ركعتين، ثم الدعاء بعدهما بالدعاء المعروف الوارد عن النبى صلى الله عليه وسلم وسنفصلها فى موضع آخر إن شاء الله