للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدة الفراق والإحداد]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما هى المدة التى تنتظرها الزوجة بعد فراق زوجها لتتزوج غيره؟ وما هو المطلوب منها حال العدة؟

الجواب

يقول الله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} البقرة: ٢٢٨، ويقول {واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} الطلاق: ٤، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} الأحزاب:

٤٩، وقال تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} البقرة: ٢٣٤.

العدة مدة تتربص فيها المرأة ولا تتزوج حتى تنتهى، وذلك عند انتهاء الحياة الزوجية، وانتهاؤها يكون بالفراق أو الموت.

فإذا حصل فراق بالطلاق إن كان قبل الدخول فلا عدة على الزوجة، وإن كان بعد الدخول وجبت العدة وهى ثلاثة قروء، أى أطهار أو حيضات على خلاف للفقهاء فى معنى القرء، وذلك إن كانت ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض كالصغيرة والآيسة، وإن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل، وإذا حصل الفراق بموت الزوجة فلا عدة على الرجل عند الجمهور، وإذا حصل بموته كانت عدة الحامل وضع الحمل، يعنى تنتهى بوضع الحمل، وعدة غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام.

وذلك من أجل التأكد من براءة الرحم والوفاء للحياة الزوجية والعشرة السابقة.

والفراق يلزمه الإحداد وهو الامتناع عن الزينة مدة العدة، وعدة الوفاة مجمع على وجوب الإحداد فيها، أما عدة الطلاق فالإحداد فيها اختلفت الأقوال فيه، ما بين الوجوب وعدمه، وما بين الوجوب فى الطلاق البائن وعدمه فى الرجعى.

ومظاهر الإحداد الامتناع عن كل ما يتنافى عقلا وشرعا وعرفا مع الحزن والأسف على الفراق، وذلك كالطيب والأصباغ والمساحيق والاكتحال وما إلى ذلك مما كانت تتجمل به لزوجها حال حياته، جاء فى سنن أبى داود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة. .. ولا تكتحل ولا تختضب "، إلا إذا كانت هناك ضرورة لما منعت منه فى مثل الدواء.

وهذا الإحداد الواجب هو على موت الزوج فقط، أما على موت غيره من أب أو أخ أو ابن مثلا فلا يجب هذا الإحداد، وإنما يجوز لها لمدة ثلاثة أيام فقط، ويمتنع أكثر من ذلك، بدليل ما ورد فى الصحيحين أن زينب بنت أم سلمة دخلت على أم حبيبة زوج النبى حين توفى والدها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت به جارية، ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله ما لى بالطيب من حاجة، غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" وفى هذا دليل على حرمة ما تلتزم به النساء من الحزن والإحداد على موت غير الزوج عاما أو أعواما وإذا حرم على المرأة حرم على الرجل، فليس عليه إحداد لموت أحد لا زوجته ولا غيرها.

وبهذه المناسبة نقول: إن تجديد الحزن بعد موت الميت بخمسة عشر يوما أو أربعين يوما إو إقامة الميعاد السنوى وغير ذلك ليس من الدين فى شىء، فالتعزية بعد ثلاثة أيام غير مشروعة، وأكثر هذه المظاهر ميراث فرعونى قديم (تاريخ الحضارة المصرية للدكتور مراد كامل ج ٢ ص ٢٩١.) وكذلك عادة المبيت فى القبور وكسر أوانى الفخار عقب خروج الجنازة حتى لا تعود روحه وذبح الثور عند القبر (المرجع نفسه ج اص ٢٣٤.)

<<  <  ج: ص:  >  >>