للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إمامة القاعد]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجوز أن يكون الرجل القاعد إماما فى الصلاة لشخص واقف أو جماعة واقفين؟

الجواب

روى البخارى ومسلم عن عائشة وأنس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم اشتكى من إصابة فذهب بعض الصحابة لعيادته، لما حضرت الصلاة صلَّى بهم قاعدا وهم واقفون. فلما انتهى من الصلاة بيَّن لهم أن الإمام إذا صلى قاعدا قعدوا، وإذا صلى قائما صلوا قياما وبيَّن العلة فى ذلك فى رواية لمسلم وغيره أن صلاتهم قياما وهو قاعد يشبه فعل أهل فارس بعظمائها،وقد نهى عن الوقوف لأى شخص تعظيما له وهو جالس. وروى البخارى ومسلم عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما وجد خفة فى نفسه وهو مريض خرج إلى الصلاة بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر فجعل أبوبكر يصلِّى وهو قائم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إزاء هذه النصوص اختلف الفقهاء فى صلاة القائم خلف القاعد فقال بعضهم بالجواز بناء على الحديث الأخير، وقال بعضهم بالمنع فيجب عليه القعود بناء على الحديث الأول وأحاديث أخرى، وقال بعضهم: إن ابتدأ الإمام الصلاة جالا جلسوا، وإن ابتدأها واقفا وقفوا، فإن طرأ عليه عذر بعد ذلك فجلس صلوا هم قياما. والنقاش بين أصحاب الآراء فى هذه المسألة طويل يرجع إليه فى الكتب مثل: نيل الأوطار للشوكانى ج ٣ ص ١٨٠، المغنى لابن قدامة ج ٢ ص ٤٧.

هذا، وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن المالكية قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام ولو كانت الصلاة نفلا، إلا إذا جلس المأموم اختيارا فى النفل فتصح صلاته خلف الجالس فيه. وأن الحنفية قالوا: يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى يستطيع أن يركع ويسجد، أما العاجز عن الركوع والسجود فلا يصح اقتداء القائم به إذا كان قادرا، وأن الشافعية قالوا: تصح صلاة القائم خلف القاعد والمضطجع العاجز عن القيام والقعود ولو كانت صلاتهما بالإيحاء، وأن الحنابلة قالوا: لا يصح اقتداء القائم بالقاعد الذى عجز عن القيام، إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا وكان عجزه عن القيام بسبب علة يرجى زوالها. انتهى.

وما دام الأمر فيه خلاف فيجوز الأخذ بأى رأى دون تعصب كما هو الشأن فى الأمور الخلافية

<<  <  ج: ص:  >  >>