ما هو الحكم الشرعى فى شهادات الاستثمار ذات العائد المحدد، وهل يصدق عليها أنها وديعة أو من باب المضاربة كما يقول بعض الناس؟
الجواب
لقد وجه مثل هذا السؤال إلى الأزهر ونشرت الإجابة فى مجلة منبر الإسلام، عدد رمضان ١٣٩٢ (أكتوبر ١٩٧٢ م) ، وعلى الرغم من أن حكمها قد سبق نشره فإن فى إعادة نشره تأكيدًا له، وإبطالا لدعاوى من يروجون لحِلِّ هذه المعاملة، وهذا نص الإجابة:
لقد صدرت الفتوى عقب ظهور هذا النوع من المعاملة، وجاء فيها أن ذلك من باب القرض الذى جر نفعا، فهو بالتالى ربا، لأن عمليات البنوك فى هذه الشهادات هى جمع الأموال وإعطاوها للمؤسسات والهيئات وجهات الاستثمار الأخرى بفائدة كبيرة، وإعطاء أصحاب الشهادات فوائد أقل مما تحصل عليه من هذه الجهات، والفرق ربح لها، ولا صلة لها بجهات الاستثمار، فلها ربح محدد منها على المال الذى أخذته، فالأمر لا يعدو أن يكون قروضا جاءت بفائدة.
وما يقال من أن الأموال ودائع عند البنك وليست قروضا-يرد عليه بأن الوديعة إذا ردت لصاحبها ترد كما هى دون زيادة أو نقص، بل قال العلماء: إنه لا يجوز التصرف فى الوديعة خصوصا بما يعرضها للتلف، فمن أين يستحل صاحب الوديعة هذه الأرباح؟ على أنها لا تأخذ شكل الوديعة، لأن الوديعة مطلوب حفظها لردها حين طلبها، وهذه موجهة أصلا للاستثمار لا للحفظ، فهى سلفة جاءت من الناس إلى البنك، وهو بدوره يقرضها لجهات الاستثمار.
هذا، وقد قال جماعة من الفقهاء العصريين: إن الأمر لا يعدو أن يكون من باب المضاربة، مع أن المضاربة يعطى فيها الإنسان مالا لغيره ليستثمره ويعطيه نصيبا من الربح بنسبة معينة، وقد يكون عائد هذه النسبة قليلا وقد يكون كثيرا، حسبما يحقق رأس المال من ربح، وقد تكون هناك خسارة.
قال هؤلاء: إن البنك وسيط بين الناس وبين شركات وجهات الاستثمار، يأخذ هو فروق الفوائد للصرف على العاملين به مثلا، وعلى هذا يكون التعامل بين الطرفين على أساس المضاربة والربح مضمون وكبير، سواء فى حجمه المادى أو المعنوى بسبب الخدمات التى يؤديها هذا النشاط للبلد فى ظروفها الحالية بالذات، قالوا هذا مع علمهم بأن الربح محدد، وقد قال العلماء المتقدمون بأنه يفسد عقد المضاربة، أما هم فقالوا: إن تحديد الربح لا يفسد العقد، فلماذا يخالفون ما تواضع عليه الفقهاء منذ مئات السنين؟ .
والإسلام يشجع استثمار الأموال ويكره حبسها وعدم سيولتها، ولذلك أوجب عليها الزكاة إذا لم تتحرك وظلت جامدة، ووجوه الاستثمار الحلال كثيرة، وعندنا الشركات متوفرة، وبعضها يحقق ربحا لا بأس به، وهو خاضع للظروف المختلفة لهذه الشركات، والتجارة فى أصل مفهومها تكون عرضة للربح والخسارة.
هذا نص الحكم الذى نشر من سنة ١٩٧٢ م، ومحاولة الرجوع فيه تحايل يأباه الدين، وقد ذم الله به اليهود الذين أحلوا به ما حرم الله عليهم