أهم الآيات التى تحدثت عن خلق الأرض هى قوله تعالى {أوَ لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حى} الأنبياء: ٣٠ وقوله {أوَلم يروا أنا نأتى الأرضى ننقصها من أطرافها} الرعد: ٤١ وقوله {والأرض بعد ذلك دحاها. أخرج منها ماءها ومرعاها} النازعات:٣١،٣٠ وقوله {قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدَّر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرها قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سموات فى يومين وأوحى فى كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم} فصلت: ٩- ١٢.
تفيد هذه الآيات وغيرها أن الله خلق الأرض فى يومين من أيام يعلمها هو وشَكَّلَها وقدَّر فيها أقواتها فى يومين آخرين يُكمِّلان أربعة أيام، وأنه خلق السماء من دخان سوَّى، منه سبع سموات، وأنه دحا الأرض أى بسطها أو جعلها كالدَّحيه وهى البيضة، وأن السموات والأرض كانتا رتقا، أى صلبتين فصدع الأرض بالنبات وفتق السماء بالمطر كما قال المفسرون القدماء، أو كانتا كتلةً واحدة ففصلهما الله بعضهما عن بعض كما يقول علماء العصر، وأنه سبحانه ينقص الأرض من أطرافها وللعلماء فى ذلك تفاسير كثيرة منها التعمير والتخريب بعوامل التعرية أو بالزلازل والبراكين، وقد يراد بذلك أنها غير تامة التكوير، أو أن الغازات المحيطة بها تنطلق خارجها. والمهم فى كل ذلك أن الله سبحانه خلق الأرض وأودع فيها كل ما يحتاجه الإنسان قبل أن يهبط إليها من الجنة، وسخر له كلَّ ما فيها ليحقق الخلافة فيها بالإيمان بالله الذى خلقها وشُكرِه على نعمه التى يتقلب فيها، هذا القدر من المعرفة هو الواجب علينا أن نؤمن به، أما تفاصيل هذا الخلق والمكونات الأساسية للأرض فقد أمرنا سبحانه بالنظر فى ملكوت السموات والأرض، والبحث فى أسرار الكون، ليؤمن من لم يؤمن، وليزداد المؤمن إيمانا بربه ويستطيع الاستفادة من هذا الخلق، وما يصل إليه الباحثون من آراء قد يكون حقيقة وقد يكون ظنًا، والظن لا يغنى من الحق شيئًا {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} الكهف: ٥١ والحقيقة العلمية لا يمكن أبدا أن تصادم حقيقة دينية، فكل الحقائق نواميس خلقها الله سبحانه ووحىُ صادق لا يرقى إليه الشك.
والواجب ألا نفسر القرآن إلا بالحقائق، أما حَمْلُه على النظريات التى لم تصل بَعْدُ إلى درجة الحقائق فلا يجوز، فقد يظهر بعد ذلك كذب هذه النظريات. كما أن الواجب هو البحث المستمر فى الكون أرضه وسمائه ليعمق إيمان المؤمنين، وليستطيع بنو آدم الإفادة من مسخرات هذا الكون، وتوجيهه إلى المصلحة التى يشعرون معها بسعادة الدنيا ويستطيعون من خلالها جمع الذخيرة التى تسعدهم فى الحيلة الأخرى. فالإسلام دين العلم الواسع الذى لا تحده حدود، ودين العمل التطبيقى الذى يثمر الخير على المنهج الذى رسمه الله بقوله:{فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى} طه: ١٢٣