للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عذاب إبليس]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها؟

الجواب

من المعلوم أن الله سبحانه خلق إبليس والجن من النار كما قال تعالى حكاية عن إبليس {قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين} الأعراف: ٢، وقال تعالى {والجان خلقناه من قبل من نار السموم} الحجر: ٢٧. ومن المعلوم أيضا أن الله سيعذب إبليس ومن اتبعه بالنار، قال تعالى {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} ص: ٨٥.

ومعلوم أن العذاب: ألَمٌ يؤثر فى الجسم، وذلك يظهر فى المخالفة بين طبيعة الجسم والأداة التى يكون بها العذاب، فكيف يحس الشيطان بعذاب النار، وطبيعته لا تختلف عن طبيعتها لأنه مخلوق منها؟ .

ويجاب عن ذلك بما يأتى.

١ - أن الله سبحانه قادر على أن يحول طبيعة الشيطان حتى يحس بعذاب النار، ذلك أن الشيطان قد يتشكل بأشكال تحكم عليه طبيعتها لا طبيعته، فهو يسكن فى أماكن وينام ويجلس ويلبس الملابس التى لم يذكر اسم الله عليها، ويدخل البيوت إذا لم يسم صاحبها وهو داخل، كما جاءت بذلك الأحاديث، ومع ذلك لم تحرق هذه الأشياء التى يتصل بها. وقد ثبت أن الشيطان تفلَّت على النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاته يريد أن يفسدها، فخنقه النبى وأحس ببرد لسانه على يده كما جاء فى بعض الروايات، فلو بقى الشيطان على طبيعته النارية لا حرقت ما مسته يده.

وسيدنا آدم عليه السلام، مع أنه خلق من طين، جعلت لطبيعته خصائص ليست كخصائص الطين ما دامت روحه فيه، فلا يمكن غرس شجرة فى جسم الإنسان كما تغرس فى الطين وهكذا.

٢ -يجوز أن يجعل الله من النار نفسها نوعا أقوى من النار التى خلق منها إبليس فيحس بعذابها إذا دخلها، والنار نفسها درجات بعضها أشد من بعض.

٣ - ليس كل العذاب فى النار إحراقا للجسم وإيلاما له بسببها، ففيها حيات وعقارب ومقامع من حديد يضرب بها المعذبون، وفيها سلاسل وقيود، وفيها شجرة الزقوم التى قال الله تعالى فيها {إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلى فى البطون. كغلى الحميم} الدخان: ٤٣ - ٤٦، وقال تعالى {إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم. طلعها كأنه رءوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون} الصافات: ٦٤ -٦٦، وقال تعالى {ليس لهم طعام إلا من ضريع. لا يسمن ولا يغنى من جوع} الغاشية: ٦،٧.

فألوان العذاب متعددة، يجوز أن يجعل الله منها للشيطان ما يحقق الغرض من تعذيبه. ومهما يكن من شىء فإن قوانين الآخرة غير قوانين الدنيا، وما دام الله سبحانه قد حكم بالعذاب على الشيطان فسيتحقق العذاب بالصورة التى يراها هو، والمهم أن نعمل جاهدين حتى لا نكون من أعوانه

<<  <  ج: ص:  >  >>