للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المرور بين يدى المصلى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم المرور بين يدى المصلى وما حكم اتخاذ ساتر أمامه، وبما يتحقق، وهل للمصلى أن يدفع المار أمامه حتى لا يمر؟

الجواب

روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أين يمر بين يديه ".

وفى رواية البزار بسند صحيح "لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه كان لأن يقوم أربعين خريفا خير له من أن يمر بين يديه ".

قال المحققون: إن التحريم يكون إذا صلى الإنسان أمام ساتر اتخذه أمامه. أما إذا لم يتخذ ساترا فلا يحرم المرور، وإن كان الأولى تركه.

ومن ذهبوا إلى تحريم المرور سواء اتخذ المصلى ساترا أم لم يتخذ قالوا: إن المنطقة المحرمة هى التى بين قدمى المصلى إلى موضع سجوده، أما ما بعد ذلك فلا حرمة فى المرور فيه.

هذا وحرمة المرور أمامه من الكبائر، والأربعون تحتمل أربعين يوما أو شهرا أو سنة لأن الراوى لم يستفسر ممن سمع الحديث، وقال الحافظ ابن حجر: ظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقا ولو لم يجد مسلكا، بل يقف حتى يفرغ المصلى من صلاته.

وقد استثنى الحنابلة من الحرمة ما لو كان ذلك فى المسجد الحرام بل فى مكة كلها والحرم، وذلك لحاجة الناس إلى المرور.

وبخاصة من يريدون الطواف، وخصه المالكية بمن لم يتخذ سترا، ومما يشفع لهذا ما رواه ابن حبان فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم حين فرغ من الطواف صلى جمعتين عند حاشية المطاف وليس بينه وبين الطوافين أحد، وفى رواية: صلى حذو الركن الأسود والرجال والنساء يمرون بين يديه، ما بينهم وبينه سترة.

هذا، ويستحب للمصلى أن يجعل بين يديه سترة تمنع المرور أمامه، لحديث رواه أبو داود وابن ماجه "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولْيَدْنُ منها" وروى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلى إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك فى السفر، ثم اتخذها الأمراء.

واستحباب جعل السترة يستوى فيه خشية مرور أحد وعدم الخشية كما قال الشافعية والحنابلة وقال الحنفية والمالكية: إذا أمن مرور أحد فلا يستحب، لأن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى فضاء وليس بين يديه شيء. رواه أحمد وأبو داود ورواه البيهقى وقال: له شاهد بإسناد أصح من هذا عن الفضل بن عباس.

ويشرع للمصلى الذى أخذ سترة أن يدفع المار بين يديه، إذا كان مروره بينه وبين السترة، أما إذا كان بعد السترة فلا يدفعه ولا يضر المرور. روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فان أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ".

هذا ويشترط فى السترة أن يكون طولها ذراعا فأكثر، وجعل الشافعية حدها الأدنى ثلثى ذراع، كها يستحب ألا يجعلها مقابلة له تماما، بل تكون على اليمين أو اليسار وأن يكون بينها وبين قدمى المصلى قدر ثلاثة أذرع أو أكثر قليلا.

والوضع الطبيعى للسترة هو غرزها لتكون منتصبة، وذلك إن أمكن، وإلا وضعت بين يديه عرضا عند الجمهور، وهو أولى من وضعها بالطول فإن لم يجد خط خطا بالأرض عند غير المالكية، واشترط الشافعية فى الخط أن يكون مستقيما طولا أو عرضا واكتفى غيرهم بأن يكون مقوسا كالهلال.

ويصح اتخاذ السترة النجسة عند غير المالكية.

وجاء فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية، خلاف بين المذاهب فى القدر الذى يحرم المرور في بين يدى المصلى، ملخصه:

أن الحنفية قالوا: إن كان يصلى فى مسجد كبير أو صحراء حرم المرور بين يديه من موضع قدمه إلى موضع سجوده، وإن كان يصلى فى مسجد صغير حرم المرور أمامه إلى جدار القبلة (حوالى أربعين ذراعا) .

وقال المالكية: إن صلى لسترة حرم المرور بينه وبينها، ولا يحرم من ورائها، وإن صلى لغير سترة حرم المرور فى موضع ركوعه وسجوده فقط.

وقال الشافعية: يحرم المرور بين المصلى وسترته فى مسافة ثلاثة أذرع فأقل، وقال الحنابلة: إن اتخذ سترة حرم المرور بينه وبينها ولو بعدت، وإن لم يتخذ سترة حرم المرور فى ثلاثة أذرع من قدمه

<<  <  ج: ص:  >  >>