[ما يباح للمحرم]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
توجد بعض أشياء يختلف المحرمون فى حلها وحرمتها غير ما ذكر فى المحظورات نريد بيان ما يحل منها حتى لا يتشكك المحرم ولا يكثر الجدال؟
الجواب
من المباحات فى الإحرام ما ياتى:
١- الاغتسال للنظافة والأغسال المسنونة كالغسل يوم الجمعة، وكذلك تغيير ملابس الإحرام، روى الجماعة إلا الترمذى أن ابن عباس والمسور بن مخرفة كانا بالأبواء واختلفا فى غسل المحرم رأسه وأن أبا أيوب الأنصارى أخبر أن الرسول كان يفعله، ودخل ابن عباس حمام الجحفة وهو محرم فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: إن الله ما يعبأ بأوساخنا شيئا، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة واختلفوا فيما عدا ذلك، وروى مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الجنابة.
واستعمال الصابون للنظافة جائز، وعند الشافعية والحنابلة: لا مانع منه حتى لو كانت له رائحة لأنها غير مقصودة للتطيب.
ويجوز نقض الشعر وتمشيطه كما أمر النبى صلى الله عليه وسلم عائشة به ورواه مسلم.
والنووى فى شرحه قال: إن ذلك جائز فى الإحرام بحيث لا ينتف شعرا، ولكنه مكروه إلا لعذر، وذلك خشية سقوط الشعر ووجوب الفدية.
٢- ستر الوجه لاتقاء الغبار أو الريح الشديدة بما لا يلاصق الوجه، فقد روى الشافعى وسعيد بن منصور أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم محرمون -والتخمير هو الستر.
٣- لبس الخفين للمرأة، فقد روى أبو داود والشافعى عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للنساء فى الخفين.
٤- تغطية الرأس نسيانا، فلا شىء فيه عند الشافعية كلبس القميص مع النسيان، وأوجب الحنفية فيه الفدية، وقد تقدم ذلك، وبالمثل النسيان والجهل فى التطيب، فالقاعدة عند الشافعية أن النسيان والجهل فى كل محظور عذر يمنع وجوب الفدية فيما عدا الإتلاف كالصيد وفيما عدا الحلق وتقليم الظفر على الأصح عندهم.
٥- الحجامة وفقء الدمل ونرغ الضرس والفصد، فقد ثبت احتجام النبى صلى الله عليه وسلم فى وسط رأسه وهو محرم، وهل يا ترى كان مع الحجامة إزالة شعر أم لا؟ يقول النووى: إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر فهى حرام من أجل قطع الشعر، وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور وكرهها مالك، وعن الحسن البصرى:
الحجامة فيها فدية وإن لم يقطع شعرا، فإن كان لضرورة جازت مع قطع الشعر وتجب الفدية.
وقال مالك: لا بأس للمحرم أن يفقأ الدمل ويربط الجرح ويقطع العرق إذا احتاج، وقال ابن عباس: المحرم ينزع ضرسه ويفقأ القرحة.
٦- حك الرأس والجسد بحيث لا يكون فيه إزالة للشعر،، فقد ثبت فى البخارى ومسلم وغيرهما أن عائشة رضى الله عنها أجازت ذلك، وروى ذلك عن ابن عباس وجابر وغيرهما.
٧- النظر فى المرآة وشم الريحان. روى البخارى عن ابن عباس أنه جائز، وإذا قال ابن المنذر: إن العلماء أجمعوا على أن المحرم ممنوع من استعمال الطيب فى جميع بدنه -فإن المكث فى مكان فيه روائح عطرية كتجارة العطور فيه خلاف للعلماء، قال الحنفية والمالكية: إنه مكروه سواء قصد شمها أم لم يقصد، وقال الشافعية والحنابلة، إنه حرام عند القصد، جائز عند عدمه، ومع إجازة الشافعية له عند عدم القصد كرهوا الجلوس فى هذا المكان الذى فيه العطر، مالم يكن الجلوس قربة لله، كالجلوس عند الكعبة وهى تبخر فلا كراهة فيه. ويجوز حمل زجاجة فيها عطر ولا فدية ما لم يستعمل ما فيها من عطر.
٨- لبس الحزام لشد الإزار أو حفظ النقود، لا مانع منه ومثله الحزام الطبى، وكذلك يجوز لبس الخاتم، حيث لا يصدق على ذلك لبس المخيط أو المحيط. قاله ابن عباس.
٩- الاكتحال للتداوى - لا مانع منه، ما دام بغير طيب ولا يقصد به الزينة كما قال ابن عباس.
١٠ - الوقاية من المطر أو الحر بمثل المظلة أو الخيمة ما دام ذلك لا يغطى الرأس، فقد روى مسلم أن أسامة بن زيد وبلالا كانا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع أحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة. وأخرج ابن أبى شيبة أن عمر رضى الله عنه كان يطرح النطع على الشجرة فيستظل به وهو محرم، وأجاز عطاء بن أبى رباح الاستظلال من الشمس واتقاء الريح والمطر، وحكى إبراهيم النخعى عن الأسود بن يزيد أنه طرح على رأسه كساء يستكن به من المطر وهو محرم.
١١- الخضاب بالحناء، فقد أجازته الحنابلة فيما عدا الرأس وأجازته الشافعية فيما عدا اليدين والرجلين لغير حاجة، ولا يغطى رأسه بحناء ثخينة. كما كرهوا للمرأة الخضاب بالحناء حال الإحرام. إلا إذا كانت معتدة من وفاة فيحرم عليها ذلك، كما يحرم عليها الخضاب إذا كان نقشا، أى للزينة.
والحنفية والمالكية حرَّموه للرجل والمرأة فى أى جزء من البدن، لأنه طيب وهو ممنوع.
مستدلين بحديث رواه الطبرانى فى الكبير والبيهقى وابن عبد البر عن خولة بنت حكيم عن أمها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة رضى الله عنها "لا تطيبى وأنت محرمة، ولاتمسى الحناء فإنه طيب ".
١٢- قتل الحشرات المؤذية، مثل النمل والقراد، الصغير منه والكبير، كما جاء عن ابن عباس وعطاء.
١٣- قتل الحيوانات والطيور المؤذية فقد روى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "خمس من الدواب كلهن فاسق،- يُقتلن فى الحرم - وفى رواية مسلم: والحل - الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" وزاد في رواية البخارى الحية فيكون العدد ستا لا خمسا.
وأطلق عليها الفواسق والفسق هو الخروج، لأنها خرجت عن حكم غيرها من الحيوانات فى تحريم قتل المحرم لها، وقيل: لخروجها عن غيرها فى حل الأكل، أو لخروجها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع.
وقد اتفق العلماء على أن غراب الزرع وهو الصغير الذى يأكل الحب لا يقتل والكلب العقور يعم كل ما يعقر الناس ويخيفهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب، وقال الحنفية:
إن لفظ الكلب قاصر عليه لا يلحق به غيره ما عدا الذئب فهو مثله. وابن تيمية يبيح للمحرم أن يقتل كل ما يؤذى حتى لو كان آدميّا لا يندفع إلا بقتله فالدفاع مشروع، ومن قتِل مدافعا عن نفسه أو ماله أو دينه أو عرضه فهو شهيد.
وهذا وقد قال العلماء: يجوز للمحرم أن يضرب خادمه للتأديب، فقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه أن أبا بكر رضى الله عنه ضرب خادمه الذى ضل منه بعيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم -حيث كان رفيقا له فى حجة الوداع -يبتسم ولم يزد على قوله " انظروا لهذا المحرم ما يصنع "