لى طفل تنتابه أحيانا حالة عصبية ويتشنج ثم يفيق، وقيل لى: اقرئى عليه قرآنا ليحفظه الله من هذا الصرع، فهل هذا صحيح؟
الجواب
هناك أمراض عصبية ترجع إلى مؤثرات جسمية أو نفسية يعرفها الأطباء بالفحص ويعالجون مصدرها بالعقاقير والأدوية الحديثة أو الوسائل الأخرى التى يعرفها أهل الذكر، ولا بد من عرض المريض عليهم أولا: فإن شفى فبها، وإلا كان الصرع له مصدر آخر، وهذا المصدر الآخر يشك فيه كثير من الناس، وإن كانت الأحوال النفسية والروحية حقيقة واقعة لا مجال للشك فيها، ولها مدارسها المتخصصة الآن، وقد تحدث ابن القيم فى كتابه "زاد المعاد" عن الصرع. فقال:
الصرع صرعان، صرع من الأرواح الأرضية الخبيثة، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثانى هو الذى يتكلم فيه الأطباء سببه وعلاجه، وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها.
ثم قال ابن القيم: لا ينكر هذا النوع من الصرع إلا من ليس له حظ وافر من معرفة الأسرار الروحية، وأورد بعض الحوادث التى حدثت أيام النبى صلى الله عليه وسلم وأثر قوة الروح وصدق العزيمة فى علاجها، وأفاض فى النعى على من ينكرون ذلك.
هذا، وإذا كانت للصرع عدة أسباب، منها مادية ومنها نفسية أو روحية أو أخرى، فلا ينبغى أن ننكر ما نجهل، فالعالم مملوء بالأسرار، وقد بدأ العلم يكشف بعضها، وفى الوقت نفسه لا ينبغى أن يتخذ ذلك ذريعة للدجل والشعوذة واستغلال جهل الناس أو سذاجتهم، فلنلجأ إلى الوسائل المادية أولا، وهى كثيرة وسهلة التناول، فإن عجز المخلوق فلنتوجه إلى الخالق بالإيمان به وصدق الاستعانة والثقة به، كما استغاثه الأنبياء فكشف عنهم الضر ونجاهم من الغم، والقرآن خير شاهد على هذه الحقيقة -والله أعلم