معلوم أن تنظيف الأسنان مطلوب شرعا فهل يتنافى ذلك مع الأحاديث التى تمدح خلوف فم الصائم؟
الجواب
روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى ضمن حديث "والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " كما روى أبو داود والترمذى حديثا حسنا عن عامر بن ربيعة قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسوك ما لا أحصى وهو صائم ".
استنتج الشافعى من الحديث الأول كراهة استعمال السواك للصائم -ومثله فرشاة الأسنان -وخص ذلك بما بعد الزوال، إبقاء على رائحة الفم التى مدحها النبى صلى الله عليه وسلم. وتغير رائحة الفم ناتج عن عدم تناول الطعام والشراب، ويظهر عادة بعد الزوال، ولم يعمل الشافعى بالحديث الثانى لأنه أقل رتبة من الحديث الأول. ويؤيد رأيه حديث البيهقى "إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشى" والغداة أول النهار والعشى آخره.
وقال الأئمة الثلاثة، مالك وأبو حنيفة وأحمد: لا يكره السواك للصائم مطلقا سواء قبل الزوال وبعده، ودليلهم فى ذلك هو حديث عامر بن ربيعة المذكور، وحملوا الحديث الأول الذى يمدح الخلوف على الترغيب فى التمسك بالصيام وعدم التأذى من رائحة الفم، وليس على الترغيب فى إبقاء الرائحة لذاتها، ثم قالوا: إن رائحة الفم تزول أو تقل بالمضمضة للوضوء، الذى يتكرر كثيرا، ولم يثبت نهى الصائم عنها، وقالوا أيضا: إن حديث البيهقى ضعيف كما بينه هو.
وإذا لم يكن من الأئمة الأربعة إلا الشافعى الذى قال بكراهة تنظيف الأسنان أثناء الصيام بعد الزوال - فإن من كبار أئمة المذهب من لم يرتضوا ذلك. فقد قال النووى فى المجموع "ج ١ ص ٣٩" إن المختار عدم الكراهة. وقال ابن دقيق العيد معقبا على قول الشافعى: ويحتاج إلى دليل خاص بهذا الوقت -أى بعد الزوال -يخص به ذلك العموم - وهو حديث الخلوف -وعلى هذا فلا كراهة فى استعمال السواك فى رمضان "انظر أيضا كتاب: طرح التثريب فى شرح التقريب، للعراقى وأبى زرعة ج ٢ ص ٦٥ ".
وبعد استعراض ما قيل فى السواك فى الصيام أختار القول بعدم كراهة تنظيف الأسنان بأية وسيلة، شريطة ألا يصل إلى الجوف شيء من المعجون أو الدم ونحوها ومن الأحوط استعمال ذلك ليلا