للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوساطة والشفاعة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجوز للإنسان أن يساعد إنسانا ضعيفا بأن يتوسط له عند الكبار لنيل خير أو دفع شر؟

الجواب

يقول الله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شىء مقيتا} النساء:٨٥ وروى البخارى ومسلم عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال "اشفعوا تؤجروا، ويقضى الله على لسان نبيه ما أحب " وفى رواية "ما شاء" وفى رواية أبى داود "اشفعوا تؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء".

وروى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قصة بريرة وزوجها قال: قال لها النبى صلى الله عليه وسلم "لو راجعتيه" قالت: يا رسول الله: تأمرنى؟ قال "إنما اشفع" قالت لا حاجة لى فيه.

وروى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: لما قدم عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر نزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضى الله عنه، فقال عيينة: يا ابن أخى، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لى عليه، فاستأذن فأذن له عمر، فلما دخل قال: هى يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأْمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} الأعراف: ١٩٩ وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافا عند كتاب الله تعالى.

هذه نصوص وحوادث تحث على الشفاعة إلى ولاة الأمور وغيرهم من أصحاب الحقوق والمستوفين لها، ما لم تكن الشفاعة فى إسقاط حد أو تخفيفه أو فى أمر لا يجوز تركه، كالشفاعة إلى وصى أو ناظر على طفل أو مجنون أو وقف أو نحو ذلك فى ترك بعض الحقوق التى فى ولايته، فكلها شفاعة محرمة، تحرم على الشافع ويحرم على المشفوع إليه قبولها، ويحرم على غيرهما السعى فيها إذا علمها، والحديث صحيح فى رفض النبى صلى الله عليه وسلم شفاعة أسامة بن زيد فى عدم إقامة حد السرقة على المرأة الشريفة، وفى قَسَمِه أن فاطمة بنته لو سرقت لقطع يدها.

والكِفل الوارد فى الآية معناه الحظ والنصيب، ومعنى "مقيت" المقتدر والمقدَّر كما قاله ابن عباس وآخرون من المفسرين. وقال آخرون منهم المقيت هو الحفيظ، وقيل: هو الذى عليه قوت كل دابة ورزقها وقيل غير ذلك "الأذكار للنووى ص ٣٢٣"

<<  <  ج: ص:  >  >>