ما معنى قوله تعالى:{ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} القصص: ٧٨؟
الجواب
مما يجب أن يعتقده كل مسلم أن الحساب بعد الموت حق، وذلك لترتب الجزاء عليه، قال تعالى {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} الأعراف: ٦، وقال {فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون} الحجر: ٩٢، ٩٣، وهذا الحساب على مرحلتين الأولى فى القبر بعد الموت؟ والثانية بعد البعث والعرض على الله، وسؤال القبر بمعرفة الملكين كما هو ثابت بالقرآن والسنة ويكون عن الاعتقادات، أما السؤال الثانى فيكون على كل شيء من واقع الكتاب المسطر فيه أعمال الإنسان، {وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} الإسراء: ١٣، ١٤.
قال العلماء: يستثنى من سؤال القبر الشهداء والصديقون والمرابطون فى سبيل الله والأطفال، والحساب بعد البعث عام، يسأل فيه الرسل عن التبليغ كما يسأل الناس عن موقفهم من الرسالة، قال تعالى {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق} المائدة: ١١٦، وقد ورد ما يفيد ظاهره عدم سؤال النبى صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} البقرة: ١١٩، لكن المراد أنك غير مسئول عن كفرهم فما عليك إلا البلاغ، {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} القصص: ١٥٦، كما ورد ما يفيد ظاهره أن الكافرين المجرمين لا يسألون، كما فى قوله تعالى {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} لكن المراد أن المجرمين الكافرين لا يسألون عن المعاصى التى اقترفوها لأنها كثيرة، ويكفى عنها الذنب الأكبر وهو الكفر، فليس بعد الكفر ذنب يستحق أن يسأل عنه. لأن مصيرهم النار خالدين فيها أبدا. أو المعنى لا يكلفون يوم القيامة أن يرضوا ربهم بالإيمان لأن الآخرة ليست دار تكليف، كما يفيده قوله تعالى {ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون} النحل: ٨٤، وقوله {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} المرسلات: ٣٦.
فالسؤال يوم القيامة لتقدير الجزاء، وهو يسير على الطائعين من المؤمنين، عسير على الكافرين والعاصين، ويكفى أن يسأل الكافر عن كفره دون حاجة إلى التفاصيل، فالمصير معروف قال تعالى {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان: ٢٣