نرى بعضا ممن يتظاهرون بالتدين ينظرون إلى غيرهم نظرة احتقار، ويكثر أن يقولوا: الناس كلهم هالكون فما رأى الدين فى ذلك؟
الجواب
أحسن رد على هذا السؤال هو قول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم" يقول النووى: روى "أهلكهم" برفع الكاف وفتحها والمشهور الرفع، ويؤيده أنه جاء فى رواية رويناها فى "حلية الأولياء" فى ترجمة سفيان الثورى "فهو من أهلكهم" قال الإمام الحافظ أبو عبد الله الحميدى -فى الجمع بين الصحيحين-:
فى الرواية الأولى قال بعض الرواة: لا أدرى هو بالنصب أم بالرفع. قال الحميدى: والأشهر الرفع، أى أشدهم هلاكا، قال وذلك إذا قال ذلك على سبيل الإزراء عليهم والاحتقار لهم وتفضيل نفسه عليهم، لأنه لا يدرى سِرَّ الله تعالى فى خلقه.
هكذا كان بعض علمائنا يقول. هذا كلام الحميدى. وقال الخطابى:
معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم، أى أسوأ حالا فيما يلحقه من الإثم فى عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أن له فضلا عليهم وأنه خير منهم فيهلك، هذا كلام الخطابى فيما رويناه عنه فى كتابه "معالم السنن".
هذا ما جاء فى كتاب الأذكار للنووى، ثم ذكر رواية لهذا الحديث فى سنن أبى داود وشرح الإمام "مالك " أحد رجال السند للمقصود منه، وهو: إذا قال ذلك تحزنا لما يرى فى الناس من أمر دينهم فلا أرى به بأسا، وإذا قال ذلك عجبا بنفسه وتصاغرا للناس فهو المكروه الذى ينهى عنه.
وارتضى النووى هذا التفسير فقال: إنه تفسير فى نهاية من الصحة وهو أحسن ما قيل فى معناه وأوجز، ولا سيما إذا كان عن الإمام مالك رضى الله عنه