للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ايذاء الغير منهى عنه شرعا ايا كان مصدره]

المفتي

عبد الرحمن قراعة.

ذى القعدة ١٣٤٢ هجرية - ٣٠ يونيه ١٩٢٤ م

المبادئ

١ - يحرم البول فى الماء القليل أو بالقرب منه.

٢ - يكره البول فى الماء الجارى أو بالقرب منه كراهة تنزيهية.

٣ - معلوم من قواعد الدين العامة أن كل مؤذ منهى عنه شرعا وينبغى للمسلم تجنب ما يؤذى

السؤال

قد ثبت علميا أن مرض البلهارسيا (البول الدموى) والانكلستوما (الرهقان) وغيرهما ينقل من مريض لآخر بواسطة المياه الملوثة من بول وغائط المريض، وهذه الأمراض مضعفة للقوى، ومهلكة للأنفس وتصيب خلقا كثيرين، ويصبح المرضى بها عديمى القوى نحال الجسم، ولا يقوون على عمل، ويصبحون عالة على ذويهم.

لعد مقدرتهم على العمل. فهل لا يحرم الدين والحالة هذه التبول والتغوط فى المياه المذكورة أو بالقرب منها.

وما حكم الشرع الشريف فيمن يتبول أو يتغوط فى المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بصحة الغير مع ذكر الأحاديث النبوية الخاصة بذلك

الجواب

نفيد أنه جاء فى صحيح الإمام مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم ثم يغتسل منه.

والمراد بالماء الدائم - الماء الذى لا يجرى - كما يعلم ذلك مما رواه مسلم أيضا فى صحيحه عن أبى هريرة أيضا بسند آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبل فى الماء الدائم الذى لا يجرى ثم تغتسل منه.

قال شارحه النووى - وأما الدائم فهو الراكد، وقوله صلى الله عليه وسلم الذى لا يجرى تفسير للدائم وإيضاح لمعناه، وهذا النهى فى بعض المياه للتحريم وفى بعضها للكراهة.

والتغوط فى الماء كالبول فيه وأقبح، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجرى إليه البول.

وكله مذموم قبيح منهى عنه إلى أن قال قال العلماء ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه.

لعموم نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن البراز فى الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء ولما يخاف من وصوله إلى الماء.

هذا ملخص ما تمس الحاجة إليه من شرحه لهذا الحديث وقال فقهاء الحنفية إنه يكره البول والغائط فى الماء ولو كان جاريا فى الأصبح.

كما صرح بذلك فى متن التنوير وشرحه وقال صاحب البحر.

إن الكراهة فى الماء الراكد تحريمية وفى الجارى تنزيهية.

وكتب العلامة ابن عابدين على قوله ولو جاريا فى الأصح ما نصه لما روى عن جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبال فى الماء الراكد.

رواه مسلم والنسائى وابن ماجه. وعنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال فى الماء الجارى.

رواه الطبرانى فى الأوسط بسند جيد والمعنى فيه أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه، وأما الراكد القليل فيحرم البول فيه.

أنه ينجسه ويتلف ماهيته ويضر غيره باستعماله، والتغوط فى الماء أقبح من البول.

وكذا إذا بال فى إناء ثم صبه فى الماء أو بال بقرب النهر فجرى إليه فكله مذموم قبيح منهى عنه.

فعلم من هذا أن البول فى الماء القليل أو بالقرب منه حرام.

والبول فى الماء الجارى أو بالقرب منه مكروه كراهة تنزيهية هذا ومعلوم من قواعد الدين العامة أن كل مؤذ منهى عنه شرعا وينبغى للمسلم اجتناب ما يؤذى.

تعليق بهامش الفتوى ثم بعد أن أرسلت هذه الفتوى إلى مصلحة الصحة وجدنا فى فتح الغفار وفى شرح السندى للدر المختار ما يزيد المسألة وضوحا فألحقناه هنا لمجرد الفائدة العلمية قال فى فتح الغفار شرح تنير الأبصار للتمر تاشنى مؤلف المتن المذكور (وكذا يكره بول أو غائط فى ماء ولو كان الماء جاريا) على الأصح كما فى شرح النظم الوهبانى وعزاه شارحه إلى قاضيخان وعزاه فى الواقعات إلى الإمام.

قال لأنه يسمى فاعله جاهلا. وإذا علم الحكم فى الجارى علم فى الراكد بطريق الأولى إن كان قليلا، وإن كان كثيرا فمن باب المساواة، لأن الكثير كالجارى، ويدل على كراهة التحريم قوله عليه الصلاة والسلام (لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم) وقد أطلق بعضهم الحرمة على البول فى الماء الراكد.

ومراده كراهة التحريم بما لا يخفى لعدم قطعية الدليل انتهى - وقال السندى.

وفى البحر أنها أى الكراهة فى الراكد تحريمية يعنى إذا كان قليلا.

وفى الجارى أى حقيقة أو حكما تنزيهية

<<  <  ج: ص:  >  >>