للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استثناءات فى الغيبة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل صحيح أن الفاسق المجاهر بفسقه يجوز أن يغتابه الناس ولا حرمة فى ذلك؟

الجواب

معروف أن الغيبة - وهى ذكرك أخاك بما يكره وإن كان فيه - محرمة، والنصوص فى ذلك كثيرة، إلا أن العلماء استثنوا من ذلك أمورا جعلها الغزالى ستة:

١ - التظلم عند شكوى الظالم إلى القاضى يذكر عيوبه التى أدت إلى ظلمه مثل خيانة الأمانة وأخذ الرشوة، وذلك لحديث "إن لصاحب الحق مقالا" رواه البخارى ومسلم وحديث "مطل الغنى ظلم " رواه البخارى ومسلم وحديث "لَىَّ الواجد يحل عقوبته وعرضه " رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه بإسناد صحيح. وحل العرض معناه الكلام عنه بما يكرهه.

٢- الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصى إلى منهج الصلاح، كما روى أن عمر رضى الله عنه مر على عثمان -وقيل على طلحة- رضى الله عنه فسلَّم فلم يرد السلام، فذكر ذلك لأبى بكر رضى الله عنه.

فأصلح الأمر، فذكر عمر لأبى بكر أن عثمان لم يرد عليه السلام يكرهه عثمان، ولكن عمر أراد الإصلاح فتدخل أبو بكر لذلك، وكذلك لما بلغ عمر رضى الله عنه أن أبا جندل قد عاقر الخمر بالشام، فكتب إليه أول سورة غافر فتاب ولم يَعُدَّ ذلك عمر ممن أبلغه غيبة، لأن القصد من ذلك النصح والإصلاح والأعمال بالنيات فإن قصد التشهير أو غير ذلك كان حراما.

٣- الاستفتاء كما يقول الإنسان للمفتى ظلمنى فلان فكيف الخلاص، قال الغزالى:

والأسلم التعريض بأن يقول: ما قولك فى رجل ظلمه أخوه، وإن كان التعيين مباحا بقدر الحاجة، دليله أن هند زوجة أبى سفيان شكت للنبى صلى الله عليه وسلم أنه رجل شحيح لا يعطيها ما يكفيها وولدها، فهل تأخذ منه بغير علمه، فأذن لها النبى أن تأخذ بالمعروف، رواه البخارى ومسلم فلأن النبى لم يزجرها لا يعد ذلك غيبة.

٤- تحذير المسلم من الشر، كتحذير إنسان طيب من التردد أو التعامل مع فلان الشرير، وذلك للنصح، فلا يأثم بذكر مساوئ فلان بالقدر الضرورى، فإذا قصد الطعن أو التشفى أو الحسد كان حراما، فالأعمال بالنيات، ومثل ذلك الاستشارة فى الزواج وإيداع الأمانة، يقول النبى صلى الله عليه وسلم "أترغبون عن ذكر الفاجر؟ اهتكوه حتى يعرفه الناس، اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس " رواه الطبرانى وابن حبان فى الضعفاء، يقول الغزالى:

وكانوا يقولون: ثلاثة لا غيبة لهم، الإمام الجائر والمبتدع والمجاهر بفسقه.

٥- أن يكون الإنسان معروفا، بلقب يُعرب عن عيبه، كالأعرج والأعمش، فلا إثم على من يقول: قابلت الأعمش أو الأعرج إذا كان معروفا. لأن صاحبه لا يكره أن يذكر به لتعوده، وإن كان الأفضل التعبير عنه بعبارة أخرى يمكن أن يعرف بها، ولذلك يقال للأعمى:

البصير عدولا عن اسم النقص.

٦- أن يكون مجاهرا بالفسق كالمخنث ومدمن الخمر ولا يستنكف أن يذكر به، ففى الحديث "من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له " رواه ابن عدى وأبو الشيخ بسند ضعيف.

وقال عمر رضى الله عنه: ليس لفاجر حرمة، وأراد به المجاهر بفسقه دون المستتر "الإحياء ج ٣ ص ١٣٢ " الزواجر لابن حجر ج ٢ ص ١٥، الأذكار للنووى ص ٣٣٨" ويؤخذ من هذا أن حديث "لا غيبة لفاسق " حديث منكر أو ضعيف النسبة إلى النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان الحكم صحيحا على الوجه المذكور

<<  <  ج: ص:  >  >>