فمن الطبيعي للإنسان سواء في أموره الدينية أو الدنيوية أن تأتيه حالات جدية وإبداع وتألق، ويعقبها حالات من الفتور، وهذه طبيعة النفس التي لا يدوم على حال لها حال، ولكن ينبغي أن يكون عند الإنسان قدر من المجاهدة لنفسه، والمحافظة على قدر من التوازن في عمله، وهو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته فقد سئلت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: وأيكم يطيق ذلك؟ يعني كان عمله شيئاً شاقاً، فما هو هذا العمل الشاق الذي لا يستطيعه أكثر الناس؟ قالت رضي الله عنها:"كان عمله ديمة" أخرجه البخاري (١٩٨٧) ، ومسلم (٧٨٣) أي كان عمله له طابع الاستمرارية والانضباط، وليس النزوات والتقطع، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ" أخرجه مسلم (٢٨١٨) ، فعليك أن تجعل لنفسك البرنامج الذي تستطيع أن تستمر فيه، وتتحمل الانضباط عليه، ثم تستمر عليه بالمجاهدة، وعليك أولاً معرفة معيار نفسك، فالناس يختلفون في قدراتهم وفراغهم، وعليك عندما تعرف معيار نفسك أن تجاهدها على الاستمرار في هذا المعيار، وأحذرك مرة أخرى من الاستمرار وراء أوهام العوائق التي من هذا النوع الذي تفكر فيه.