[الصلع ... وتغيير خلق الله!]
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٠١/٠١/١٤٢٧هـ
السؤال
أنا شاب أصبت بالصلع المبكر، وقد ذكر لي الأطباء أن الحل إما زراعة الشعر طبيعيا، وهو مكلف جداً، ويحتاج إلى عمل جراحي، وقد يتسبب في صداع، وإما عن طريق زراعة شعر طبيعي على جلد شفاف به مسامات وفتحات صغيرة؛ لكي تتنفس منها جلدة الرأس الأصلية، وتنزع هذه الجلدة كل شهرين إلى ثلاثة أشهر للتعقيم والتنظيف لها ولجلدة الرأس الأصلية، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل يدخل ضمن الوصل المنهي عنه؟
وهل يجري علي حكم من فقد (رجل..يد..سن.. أنف..الخ) واستبدلها بأعضاء صناعية؟
وكيف أتعامل معه في الحج والعمرة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد روى عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قُطع أنفه يوم الكُلاَب، فاتخذ أنفاً من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتخذ أنفاً من ذهب" رواه أبو داود (٤٢٣٢) ، والترمذي (١٧٧٠) ، والنسائي (٥١٦١) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ... وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم" أ. هـ.
وقد استدل العلماء المعاصرون بهذا الحديث على جواز إجراء العمليات التجميلية للضرورة، والحاجة، كإصلاح نقص أو تلف أو تشوه، أو إزالة عيب، ومن ذلك معالجة الصلع.
ولا شك أن هناك فرقاً بين صلع النساء، وصلع الرجال؛ فصلع النساء تذم به المرأة، ويعتبر بالنسبة لها عيباً خَلْقياً، يسبِّب لها آلاماً نفسية، وينفِّر منها الرجال.
أما صلع الرجال فهو أهون من ذلك بكثير؛ لكثرة انتشار هذه الظاهرة بينهم، ولا سيما الكهول والشيوخ، ولكنه إذا وقع في سن مبكر -كما هو حال السائل- فعادة ما يسبَّب إحراجاً وألماً نفسياً، ولذا فإنه ينبغي التفريق بين الحالين.
وبكل حال، فإذا كان الصلع يوقع السائل في حرج وألم نفسي فإنه لا مانع من قيامه بعملية زراعة الشعر، ولكن بشرط ألا يترتب على هذه العملية ضرر راجح على مصلحة العلاج، كما لو كان ينتج عن هذه العملية صداع في الرأس -كما صرح به السائل- فيحرم هذا الإجراء لهذه المفسدة.
وأما بالنسبة للسؤال عن مدى كون هذه الزراعة من الوصل المنهي عنه أو لا؟.
فالجواب: أنه لا يعتبر من الوصل المحرم؛ لأن المقصود بالزراعة إزالة العيب ليس إلا، فهو كمن فقد سناً أو نحوها من الأعضاء الحاجية، وهذه بخلاف من جرت العادة بسقوط شعره، كالكهل والشيخ، فهو بالنسبة لهم من قبيل التحسيني لا الحاجي.
وبناء على ما تقدم من القول بالجواز، فإنه عند قيامك بزراعة الشعر على الطريقة الثانية -المشار إليها في السؤال- فإن كانت في الشعر حياة، بحيث يطول كالشعر الطبيعي، فإنه يأخذ حكمه في وجوب القص منه في العمرة والحج، وإن كان ثابتاً ليس فيه حياة، فإنه لا يجب الأخذ منه كالباروكة، ويكون حكمه حكم الصلع.
وأما بالنسبة للوضوء والغسل، فإنه يجب المسح عليه عند الوضوء، ويجب نزعه عند الاغتسال الواجب، كالجبيرة، والله تعالى أعلم.