هل الإنسان المسلم الذي يقوم بجميع الواجبات ويترك جميع المحرمات ويقتصر على ذلك دون أداء أي شيء من النوافل يدخل الفردوس، أم أنه لا يدخل الفردوس إلا بالتزود بالنوافل؟ إن كان هناك حديث عن هذا الموضوع أرجو تزويدي به مع سنده وإخراجه، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
المسلم الذي يقتصر على فعل الواجبات فقط، ويترك جميع المحرمات ولا يؤدي شيئاً من النوافل، هو بهذا على خير كثير -وإن كنت لا أتصور وجوده بهذه الدقة- وهو معنى المقتصد الوارد في قوله -تعالى- في سورة فاطر:" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير"[فاطر: ٣٢] نص على ذلك غير واحد من السلف -رحمهم الله-، ويمكنك أخي الكريم أن تراجع تفسير ابن كثير عند هذه الآية في سورة فاطر (٣٢) فقد ذكر جملة من الأحاديث التي تدل على هذا المعنى.
وأما سؤالك: هل مثل هذا يدخل الفردوس أم لا؟ فلا يمكن القطع في مثل هذا بجواب معين، فإن علم هذا عند ربي، وليست المسألة -أيها الأخ المبارك- مرتبطة بصور الأعمال وكثرتها، بل من وراء ذلك أمور أخرى، فالإخلاص والقبول من أعظم المؤثرات على قبول العمل والثواب عليه، ولهذا قال تعالى:"ليبلوكم أيكم أحسن عملاً"[الملك: ٢] ولم يقل: أكثركم عملاً، ولذلك قال بعض السلف: كم من عمل صغير عظمته النية، وكم من عمل كبير حقرته النية، وتأمل -أخي- في المرأة البغي التي سقت الكلب ثم دخلت الجنة، وقارن ذلك بالمقاتل الذي قاتل في ميدان المعركة رياءً وسمعة كيف كان مصيره؟
فإن تهيأ مع كثرة العمل حسنه فهذا نور على نور، وعلى العبد أن يكون ذا همة عالية مسابق إلى الخيرات -كما قال تعالى- لعل وعسى.