كيف نربط بين علم الله الأول بخلقه ورحمته وعدله وعذابه؟ وكيف نفسِّر رحمة الله وعدله، وهو إنما خلق العباد ليبتليهم، وهل الرحمة تعارض ابتلاء الخلق؟.
الجواب
يا أخي: ينبغي أن تعلم أصولاً في هذه المسألة:
الأول: أن كل ما يقع في هذا الكون من أفعال الله -تعالى-، ومن أفعال العباد، والتي هي بمشيئة الله -تعالى- جميع ذلك مرتبط بالحكمة التامة، فمشيئته تابعة لحكمته، فهو سبحانه أحكم الحاكمين، وهو يحكم لا معقب لحكمه.
الثاني: أن الله -تعالى- عدل يحب العدل، وعدله تعالى تام في أحكامه وأفعاله وقضائه، ولا يظلم ربك أحداً لكمال عدله سبحانه.
الثالث: أن أفعال الله -تعالى- لها غايات، وحكم، وعلل لا تعود إلى ذات المخلوق، ونظره وقياسه، بل هي عائدة وراجعة إلى علم الله -تعالى-، لم يوجب العباد عليه شيئاً، ولا يقاس الخالق بخلقه، لا قياس شمول ولا قياس تمثيل، وبالتالي فمنتهى رحمته هو منتهى علمه، قال تعالى:"ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً"[غافر:٧] ،
ووجه رحمته كما يكون في من يثيبهم يكون أيضاً فيمن يعذبهم بعدله، ولا منافاة بين الرحمة والعدل، ألا ترى أن إيقاع العذاب والقصاص في الدنيا على من يستحقه هو عدل وكمال، وهو أيضاً رحمة له بالتطهير، ولغيره بكف شره، واستيفائهم حقهم منه، يقول ابن تيمية -رحمه الله-: (ومسألة غايات أفعال الله ونهاية حكمته مسألة عظيمة، لعلها أجل المسائل الإلهية) . منهاج السنة (٣/٣٩) .