للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم تزكية الآخرين]

المجيب د. سالم بن محمد القرني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق

التاريخ ١٩/٧/١٤٢٤هـ

السؤال

ما هي التزكية؟ وهل تجوز تزكية الآخرين؟.

الجواب

تزكية النفوس مسلمة إلى الرسل، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها، وجعلها على أيديهم دعوة وتعليماً وبياناً وإرشاداً، لا خلقاً ولا إلهاماً، فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم، قال الله - تعالى -: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" [الجمعة: ٢] ، وقال - تعالى -: "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" [البقرة: ١٥١] ، وتزكية النفوس: أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجيء بها الرسل فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب، فالرسل أطباء القلوب، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم، وعلى أيديهم وبمحض الانقياد والتسليم لهم، والله المستعان.

والمقصود: أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة، قال - تعالى -: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم" [النور: ٢١] ، ذكر ذلك سبحانه عقب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكي هو باجتناب ذلك، وكذلك قوله - تعالى - في الاستئذان على أهل البيوت: "وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم" [النور: ٢٨] ، فإنهم إذا أمروا بالرجوع لئلا يطلعوا على عورة لا يحب صاحب المنزل أن يطلع عليها كان ذلك أزكى لهم، كما أن رد البصر وغضه أزكى لصاحبه، وقال-تعالى-: "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" [الأعلى:١٤-١٥] ، وقال - تعالى - عن موسى - عليه السلام- في خطابه لفرعون: "هل لك إلى أن تزكى" [النازعات:١٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>