[حق الأب في إجبار أبنائه على العمل معه]
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ ١٤/١١/١٤٢٤هـ
السؤال
-هل للأب أن يجبر أولاده كلهم أو أحدهم على العمل معه؟
-هل للأب أن يحرم بنته أو ولده من الميراث لأي سبب كان؟
-ما مدى الحق للوالد في أن يأخذ مال ولده مع غناه عنه؟
هل للوالد أن يوصي لولده العامل معه، - ومالهما مشترك - بشيء من الميراث بعد وفاته ضماناً لحقه أم لا؟ وإذا لم يوص الأب فهل لهذا الولد العامل مع أبيه أن يطالب ببدل عمله مع والده أم لا؟
الجواب
-إذا كان الأب عاقلاً رشيداً مستقيماً، ولديه الدراية بما يصلح به أمر ولده وتستقيم معه أحواله، ولم يأمر بسوء أو معصية أو فساد في الأرض، ولم يشغله عن طلب العلم أو الحصول على كسب الرزق الحلال، فلهذا الأب الراشد إلزام ولده بالعمل الذي يعود عليهما بالخير والنفع العميم.
- الميراث حق مقرر شرعاً للولد إذا كان متفقاً مع والده في الدين، قال -تعالى-: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:١١] ، وعلى هذا فليس للأب حق في حرمان الولد من الميراث، إلا إذا اختلف الولد مع أبيه في الدين، أو إذا قتل الولد أباه.
-يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" الترمذي (١٣٥٨) والنسائي (٤٤٤٩) وأبو داود (٣٥٢٨) وابن ماجة (٢١٣٧) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، فالأب له أن يتصرف في مال ولده بشرط ألا يضر بالولد، وأن يأخذ الأب ما يحتاج إليه، وألاّ يأخذ من أحد أولاده لصالح آخر، وألاّ يأخذ آلة يكتسب بها الولد.
وقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لمن قال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي؛ فقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" ابن ماجة (٢٢٩١) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وأحمد (٦٩٠٢) ، ولا يعني هذا أن الولد وماله ملك لأبيه مطلقاً، وإنما يريد -عليه السلام- التأكيد على الولد ببر أبيه وإكرامه، ولو كان مال الولد ملكاً لأبيه مطلقاً، لما جعل للأب نصيب مفروض في تركة الولد بالفرض حيناً، وبالتعصيب حيناً آخر، أو يجمع بينهما في أحوال أخرى.
-إذا عمل الولد مع والده في التجارة كان الأولى أن يبين ذلك في دفاتر الشركة، ويعين نصيب الولد وحصته في الشركة؛ ليكون أقرب إلى العدل وأبعد عن الجور، وإذا أثبت الأب حصة ولده في الشركة فهذا بيان لنصيبه المتناسب مع جهده، ولا يكون هذا من باب الوصية بالميراث.
أما إذا لم يبين الأب حصة ولده في الشركة، ولم يقدر جهده في العمل، فلا وصية لوارث إلا بموافقة بقية الورثة، ولكن لو توفي هذا الولد في حياة والده بعدما خلّف ذرية فأوصى الجد لأولاد ابنه بمقدار حصة أبيهم، على ألاّ تتجاوز الثلث، فإن هذا حق ثابت تنفيذاً لقوله -تعالى-: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:١٨٠] .
قال فريق من أهل العلم نسخت آيات المواريث الوصية للوارث، وبقيت في حق من لم يرث، على ألاّ تزيد على الثلث، وتقسم على هؤلاء قسمة الميراث، ويرى بعض العلماء أن الوصية في مثل هذه الصورة تكون واجبة حتى لو لم يوصِ بها الجد.