للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مضى عمري معه ولا أحبه]

المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية

التاريخ ٧/٠١/١٤٢٦هـ

السؤال

تزوجت منذ عشرين سنة، وعمري ٢٨ سنة، وكنت أعيش في بيت إخوتي في وضع غير مستقر، وعندما تقدم لي أول خاطب وافقت حالاً؛ كي أتخلص من الواقع الذي أعيشه، ولكن اتضح لي بعد أني لا أحبه، ولا أستطيع التحمل عندما يقربني، وأمثِّل كي لا أشعره بذلك، وأتهرب منه عندما يطلبني، وأتشاغل عنه، وأعلم أنه يصبر علي كثيراً، وأنا أتعذب من الداخل من أجله، ولا أستطيع مصارحته؛ كي لا أجرح شعوره، عندي منه عدة أولاد، وهو ملتزم وحسن الخلق، ولكن ضعيف الشخصية، وأنا أفوقه بذلك ومتعلمة.

سؤالي: هل أنا آثمة وسيحاسبني الله على ذلك؟. أرجوكم أفيدوني أنا أخاف الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب

ابنتي الكريمة، أما حالتك ومعاناتك فهي واضحة، أما سؤالك فلم يتضح لي، هل أنتِ تسألين عن مشاعرك، هل هي مما تأثمين به؟ فالجواب أن مشاعرك ليست مما تملكين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" أخرجه الترمذي (١١٤٠) ، وأبو داود (٣١٢٤) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وليس من السهولة أن يحدد الإنسان اتجاه مشاعره، فإذا كنتِ لا تشعرين بحب له فهذا أمر فطري راجع إلى تكوينك النفسي ولا ذنب لك فيه، ولكن الشيء المهم هو ألا يتجاوز ذلك إلى التعامل بطريقة سيئة فيها سوء عشرة، والذي ظهر لي من خلال سؤالك أنك لست كذلك، وأنك تجاهدين نفسك كي تحافظي على مشاعره وكرامته وقيمته الشخصية.

فأنت -بحمد الله- غير آثمة، بل مثابة على صبرك ومعاناتك وتحملك ما لا تتقبله نفسك، والله يعظم لك الأجر والمثوبة، أما إذا كنت تسألين: هل لك الحق بطلب الطلاق؟.

الجواب نعم، لك الحق بطلب الطلاق إذا كنت تشعرين بنفرة منه، كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- جميلة بنت أبي بن سلول زوجة ثابت بن قيس بن شماس أن ترد عليه حديقته، ولم ينكر عليها طلبها الطلاق منه. صحيح البخاري (٥٢٧٣) . وكما فعلت بريرة زوجة مغيث التي كان زوجها يحبها أشد الحب، ولكنها كانت تبغضه، فأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بمفارقته بعد أن تحررت من الرق، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لعمه العباس: "ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث" صحيح البخاري (٥٢٨٣) .

أما إن كنت تسألين: هل من المصلحة أن تطلبي الطلاق منه؟، فإن الذي يظهر لي أن المصلحة ليست في ذلك، والسبب أنك قد تأخرت كثيراً في اتخاذ هذا القرار، فبعد عشرين سنة من العُشرة، وبعد عدة أولاد ليس في مصلحتك إطلاقاً مفارقة هذا الرجل مهما كانت عواطفك؛ لأن مضي عشرين سنة معه أثبتت أنك قادرة على احتمال هذه الحياة، كما أن طول هذه المدة وإن لم يصنع حباً فإنه يوجد إلفاً وتفاهماً ووفاءً متبادلاً، وفي المقابل فإن هذا الطلاق لن يفتح أمامك خيارات أفضل، خصوصاً مع ما ذكرت من استقامة هذا الرجل، ووداعته وحسن خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>