للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل مخالفة الصحابي للسنة تدل على نسخها؟!]

المجيب عمر بن عبد الله المقبل

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل

التاريخ ٢٩/٠٩/١٤٢٦هـ

السؤال

إذا خالف فعل بعض الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين أمراً من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهل يجوز أن نستند على هذا الفعل، ونقول: إن الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُنة منسوخة؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأود أن أقول -قبل الإجابة عن هذا السؤال- إن مخالفة الصحابي -فضلاً عمن دونه من فضلاء هذه الأمة من التابعين، وتابعي التابعين، للسنة- لا تكون إلا لعذر، ولا يمكن لإمام من أئمة الدين أن يتعمد مخالفة السنة، كما بين ذلك بجلاء شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه القيم "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، حيث بيّن أعذار العلماء الذين ثبتت عنهم مخالفة السنة.

أما ما يتصل بسؤال الأخ عن مخالفة الصحابي، أو التابعي، أو تابع التابعي للسنة، فهل تكون تلك السنة منسوخة؟

فيقال: ذيول هذا الجواب طويلة، وهي تتصل بمسائل حديثية، ومسائل أصولية:

أما الحديثية: فهي مخالفة الصحابي للسنة، فهل هذه المخالفة لما رواه هو أم غيره؟

فإن كانت المخالفة لما رواه هو، فينظر في نقد الأئمة للمرفوع والموقوف، فإنه -وبالتتبع- وُجد أنهم ينظرون إلى هذه الصورة بأحد ثلاثة طرق:

إما أن يضعفوا المرفوع بالموقوف، أو بالعكس، أو يصححوا كلا الوجهين، وتفصيل ذلك ليس هذا موضعه.

فينظر في ثبوت ذلك، ثم بعد ذلك ينظر إليه من الجهة الأخرى، وهي الجهة الأصولية:

فبعض صور سؤال الأخ لها صلة بما يعرف بمسألة الإجماع السكوتي، ومدى حجيته، وهل هي خاصة بالصحابة، أم عامة في جميع المجتهدين؟!

فإن كان المخالف من الصحابة أو من دونهم، قد خالفه غيره من أقرانه، فلا حجة فيه بلا ريب، فضلا عن أن يكون ناسخاً للسنة الثابتة.

وإن كان الصحابي قال قولاً يخالف سنة مروية، ثم ينتشر عنه، ولا يُعلم أن أحداً خالفه، أو أنكر عليه، فهل يعتبر هذا القول حجة لاحتمال كونه اطلع على ناسخ؟.

وفي هذه الصور خلاف -أيضاً- لكن الراجح- كما هو قول الجمهور- أنه لا يعتبر قوله دليلاً على أنه اطلع على ناسخ، لاحتمالات كثيرة.

قال الحافظ العلائي -رحمه الله- في كتابه القيم (إجمال الإصابة في أقوال الصحابة) ، ص (٩١) : "والذي ذهب إليه جمهور العلماء أنه لا يعدل عن الخبر الظاهر، أو النص إلى مذهب الراوي -وإن قلنا إن مذهب الصحابي حجة- لأن مذهب الصحابي إنما يكون حجة إذا لم يعارضه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وظن كونه اطلع على ناسخ، أو دليل يترجح على هذا الخبر -وإن كان منقدحاً- فهو مرجوح، لما سيأتي من الاحتمالات التي تعارضه، والظن المستفاد من الخبر أرجح منه ... " ثم ذكر الاحتمالات، ويمكنك مراجعتها هناك، وينظر: إرشاد الفحول للشوكاني (١١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>