للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي]

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة

التاريخ ١٧/٥/١٤٢٤هـ

السؤال

كيف يمكن الحكم بموافقة الإمام الذهبي من عدمها لتصحيح الإمام الحاكم في مستدركه على الصحيحين، من خلال تعليقاته على الأحاديث؟ فإنه أحياناً يقول: صحيح. ويسكت, وأحياناً ينتقد, وأحياناً لا يعلق شيئاً بل يكتفي بالصمت!. ثم هو في البداية لم يذكر منهجه في التعليق على المستدرك, وهل يمكن أن تعتمد أحكامه في هذا التعليق؟. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه. أما بعد..

أقول وبالله التوفيق: إن الإمام الذهبي قد قام باختصار (المستدرك) ، كما قام باختصار كتب أخرى كثيرة، والأصل في الاختصار ألاّ يكون فيه إضافة من مختصره، بل يقتصر على بعض ما في أصله، دون زيادة، لكن الإمام الذهبي لم يكن يخلي مختصراته من تعقبات وفوائد ينشرها في الكتاب، وهي خارجة عن أصل شرط الكتاب، بل هي فضلة يتبرع بها الذهبي على المستفيدين، فتأتي هذه الإضافات على غير قاعدة مطردة، بل تأتي كيفما اتفق وتيسَّر.

أضف إلى ذلك الأصل: أن الذهبي لم يذكر عبارة صريحة بأنه إن نقل حكم الحاكم وسكت عليه يكون موافقاً له، أو أنه لا يكون مخالفاً له إلا إذا تعقب حكمه! ونسبة رأي إلى الذهبي

لا بد أن يكون متيقناً أو غالباً على الظن، أما والظن الغالب بخلاف تلك النسبة، فلا تصح.

وواضح من خلال كتاب الذهبي أنه إنما ينقل عقب كل حديث حكم الحاكم عليه، ثم إذا أراد أن يتعقبه قدم التعقب بقوله: (قلت) ، وعلى هذا فكل ما خلا عن كلمة (قلت) ، فليس هو إلا رأي الحاكم.

أما الاستدلال بتعقيب الذهبي على أن سكوته يدل على الإقرار، فهو استدلال ضعيف؛ لأنه خلاف الأصل في عمل المختصر، الذي لا يعدو سكوته أن يكون نقلاً لما في الأصل.

ويدل على أن الذهبي لم يلتزم التعقب في كل ما يخالف فيه الحاكم - سوى ما سبق- الأمور التالية:

-قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" في ترجمة الحاكم، مجلد (٤٠١هـ- ٤٢٠هـ) - (١٣٢) ، وهو يتحدث عن (المستدرك) :"ففي المستدرك جملة وافرة على شرطهما، وجملة كبيرة على شرط أحدهما. لعل مجموع ذلك نحو النصف، وفيه نحو الربع مما صح سنده وفيه بعض الشيء، أو له علة. وما بقي، وهو نحو الربع، فهو مناكير وواهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمت بها لما اختصرت هذا المستدرك، ونبهت على ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>