السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيراً.
فضيلة الشيخ -حفظه الله-: رجل خطب فتاة، وفي الخطبة عقدَ عقد زواج، وأحضر لها مهراً (أسوِرة من ذهب) واشترى لها ألبسة، وقبل الدخول بها لم تعجب الفتاة بالرجل وطلبت إنهاء الزواج بالخلع، فقال الرجل: تعطيني كل ما دفعته من حفلة وألبسة وثمن الذهب، وليس نفس الذهب؛ لأنه إذا أعاده للصائغ سوف ينقص ثمن الصياغة، ما الذي يجوز له أخذه، وما الذي لا يجوز له أخذه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تصح مخالعة الزوج لزوجته بما أعطاها، وبأقل مما أعطاها من مهر؛ لما رواه البخاري في صحيحه (٥٢٧٣) أن امرأة ثابت بن قيس-رضي الله عنهما- قالت: يا رسول الله: ما أعيب عليه في دين ولا خلق، ولكن أكره الكفر في الإسلام (تعني كفران الزوج وعدم القيام بحقوقه والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له) فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمرها بردها وأمره بفراقها.
وأما الهدايا التي أهداها له فلا ينبغي له الرجوع فيها أو المطالبة بها، فالهدية كالهبة ليس للواهب الرجوع فيما وهبه؛ لما ثبت في الصحيحين البخاري (٢٥٨٩) ومسلم (١٦٢٢) عن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه"، وعند أبي داود (٣٥٣٩) والترمذي (١٢٩٩) ،"إلا الوالد فيما يعطي ولده" بسند صحيح، وبمعناه في الصحيحين البخاري (٢٦٢٣) ، ومسلم (١٦٢٠) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، ولكن لو طابت نفس الزوجة بإرجاع الهدايا التي أهداها إياها زوجها إليه فله أخذها، كما يصح الخلع بأكثر مما أصدقها به من مهر إذا تراضيا على ذلك في قول جمهور أهل العلم، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، وهو مذهب أحمد إلا أنه يكره عنده ويصح، ويروى عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما قالا: لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها كان ذلك جائزاً، ويدل على ذلك عموم قوله - تعالى -: "فلا جناح عليهما فيما افتدت به"[البقرة:٢٢٩] وروى البيهقي في السنن الكبرى (٧/٤٥٠) وعبد الرزاق في مصنفه (١١٨١١ - ١١٨١٢) عن الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها- قالت: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه-، ومثل هذا يشتهر، فلم ينكر فيكون إجماعاً.
وبناء عليه فللزوج مخالعة زوجته بأكثر من المهر الذي أعطاها، بأن يأخذ - مثلاً- ذهباً أو مالاً زائداً عن المهر، ونحو ذلك بحسب ما يتفقان عليه فلا بأس بذلك. والله -تعالى- أعلم.