للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زواج الرجل ممن زنى بها]

المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ١٥/٣/١٤٢٦

٢٤/٠٤/٢٠٠٥

قرار المجلس:

الزاني والزانية إذا تابا إلى الله تعالى، وأرادا أن يخرجا من الحرام إلى الحلال، ومن حياة التلوث إلى حياة الطهارة، فزواجهما صحيح بالإجماع، وجمهور الفقهاء لا يشترطون التوبة لصحة النكاح من الزانية، كما روي أن عمر رضي الله عنه: "ضرب رجلاً وامرأة في الزنى، وحرص على أن يجمع بينهما" (١) .

والحنابلة هم الذين اشترطوا التوبة، لقوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:٣] .

أما موضوع (العدة) وهل يجب على الزانية أن تعتد أم لا؟ ففي هذا خلاف بين الفقهاء.

والذي نختاره هو: ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والثوري: أن الزانية لا عدة لها. ولو كانت حاملاً من الزنى، وهو المروي عن ثلاثة من الصحابة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعلي -رضي الله عنهم- (٢) . وقد استدلوا بالحديث: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (٣) ، ولأن العدة شرعت لاستبراء الرحم حفظًا للنسب، والزنى لا يتعلق به ثبوت النسب، فلا يوجب العدة.

وإذا تزوج الرجل امرأة حاملاً من الزنى من غيره صح عند أبي حنيفة وصاحبه محمد، وعليه الفتوى في المذهب الحنفي، ولكن لا يجوز له وطؤها حتى تضع، لحديث: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره" (٤) .

وهذا بخلاف ما إذا كان الحمل من الزاني نفسه، فإن نكاحها جائز باتفاق الحنفية ومن يجوزون نكاحها، ويحل وطؤها عندهم جميعًا إذا الزرع زرعه، والحمل منه.

[القرار ٥/٤]


(١) أخرجه الشافعي في "الأم" (١٠/٣٨) ومن طريقه: البيهقي (٧/١٥٥) عن أبي يزيد المكي: أن رجلاً تزوج امرأة، ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها، ففجر الغلام بالجارية، فظهر بها حمل، فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه، فسألهما فاعترفا، فجلدهما عمر الحد، وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الغلام. إسناده حسن.
(٢) ذكره محمد بن الحسن الشيباني في "الحجة على أهل المدينة" (٣/٣٨٨، ٣٨٩) عن أبي بكر وعمر، وذكر معنى ذلك البيهقي في "السنن" (٧/١٥٥) ، وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (٩/٤٧٦) عنهما، كما ذكر (١٠/٢٨) عن عمر ما يدل عليه.
(٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: ١٩٤٨ ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: ١٤٥٧) من حديث عائشة. ومعنى الحديث: (الولد للفراش) أي تابع لصاحب الفراش، وهو من كانت المرأة تحته عندما ولدت، (وللعاهر الحجر) : أي للزاني الحرمان والخيبة، ليس له حق في الولد.
(٤) حديث حسن، أخرجه أحمد (٢٨/٢٠٧) ، وأبو داود (رقم: ٢١٥٨، ٢١٥٩) والبيهقي (٧/٤٤٩) ، ٩/١٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>