[كيف أربي أخوتي!!!]
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ ٢٣/٩/١٤٢٢
السؤال
ما أود السؤال عنه هو أني أنا الأخ الأكبر لإخواني ووالدتي توفيت عليها رحمة الله قبل عام وإخوتي فيهم الأولاد والبنات والأطفال والمراهقون، تزوج والدي من خالتي التي تسعى جاهدة في العناية بأمورنا لكنها كثيرا ما تخطئ في كيفية التعامل مع الأولاد الصغار خصوصة مع العلم أن أحدهم يميل إلى الإنطوائية والسكوت المحزن. سؤالي يا شيخنا كيف لي كشاب عليه التزامات دراسية أن يصنع من هؤلاء الأطفال رجالا يخدمون الدين، ويربيهم على الالتزام بالشرع مع وجود عقبات منها تعامل الخالة الخاطئ وفقدان الوالدة؟ وما السبيل الصحيح إلى التعامل مع الأطفال الذين وصفت لك حالتهم يا شيخ؟ والله يحفظك ويرعاك؟
الجواب
أيها الأخ الكريم. أوافقك الرأي وبكل تأكيد أن غياب الأم عن المنزل يترك فراغا كبيرا يصعب ملئه بأي شخص كان مهما كان ذلك الشخص متفانيا ومخلصا في محاولة سد ذلك الفراغ الذي نشأ بوفاة الأم. إذ هي تاج البيت الذي يزينه ونوره الساطع الذي يملؤه بأشعة الحب والحنان والتربية الدافئة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإني أحيي فيك هذا الشعور المملوء بالعطف على إخوانك وأخواتك الذين فقدوا حنان أمهم، كما أحيي فيك هذا الحرص عليهم كي يكونوا صالحين يتربون على المعاني والآداب الشرعية الصالحة وحتى يترعرعوا متمسكين بدينهم حريصين على أخلاقهم وسلوكياتهم. هذا الشعور منك بهذا الواجب الملقى على عاتقك هو في الحقيقة إشارة وبداية النجاح في تعاملك مع هذه القضية. وإن كان لي من مجال للنصح فإنني أذكرك بما يلي:
أولا: عليك الاقتراب قدر الإمكان من والدك، حدثه بهمومك، اجعله في الصورة دائما، استشره فيما يشكل عليك، أشعره أنك قادر على القيام بالمسئولية تجاه نفسك ودراستك واخوتك وذلك في محاولة لبناء جسر ثقة كبير بينكما إذ بذلك سيخف العبء عليك بل وسوف تتشاركان معا في مواجهة كل ما يمكن أن يعصف ببيتكم من مشاكل تحيط بكما أو بأخوتك.
ثانيا: جميل منك لطفك ومراعاتك لخالتك ((زوج أبيك)) ، واستمر معها بهذا اللطف واللين فبها ستصلح كثيرا من الأخطاء بل هي سوف تتقبل منك نقدك وما تراه أنت مناسبا في كيفية التعامل مع إخوتك الصغار والمراهقين.
نعم هي يمكن أن تخطئ وهذا ليس عيبا ولكنك بلطفك معها وتأدبك واحترامك لها ستجد أنها ستكون أذنا صاغية لكل آرائك ومناقشاتك معها. وكما تفعل مع والدك، افعل معها من بناء جسور الثقة بينكما لتشعرها أنك قادر على حمل المسئولية تجاه إخوانك، وأنك سند لها معين لها على تحمل هذا العبء.
ثالثا: أما عملك تجاه إخوتك المراهقين والصغار فلا أرى أفضل لك من الاقتراب الشديد منهم نفسيا ووجدانيا وروحيا وجسديا. كن معهم ولاطفهم ولا عب صغيرهم وأصغ إلى الكبير منهم واستمع لشكواهم وبادلهم الهموم والأفراح.
لا تلهك أمورك الشخصية عنهم أو الابتعاد عن أنظارهم فلا يرونك إلا قليلا.
أعطهم شيئا وفسحة من وقتك ووقت خروجك وتحمل منهم أخطاءهم تجاهك ففي النهاية وعند كبرهم سيثمنون لك وقفتك معهم وتعليمك إياهم السلوك المتزن والالتزام بالدين والقيام بالواجبات والتي لن تتأنى لهم إلا بصبرك معهم وإرشادك لهم ومسك ذلك كله هو كونك قدوة صالحة لهم. إذ ستكون أنت المرآة التي سوف يرون أنفسهم من خلالها.
وأخيرا تذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ((احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك)) إذ بحفظك لنفسك سيحفظك الله ويحفظ اخوتك وبيتك وسائر أسرتك. أعانك المولى ورفع من قدرك.
والسلام.