بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ثم أما بعد:
هل باستطاعتنا تحويل مسجد إلى منزل للسكن؟ علماً أن هذا المسجد أصبح لا تقام فيه الصلاة لضيقه وأقيم أمامه مسجد أكبر منه يتسع للمصلين، وقد اتخذته اللجنة المشرفة مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، ونظراً لتعاقب الأئمة على المسجد الكبير وعدم وجود قيم له، وحدوث فتنة بين المصلين والقيم السابق لتماطله عن أداء الصلوات الخمس وبعد الإمام عن المسجد لسكنه البعيد رأت اللجنة الدينية للمسجد تحويل المسجد الصغير إلى سكن للإمام لإقامة الصلوات في وقتها ودرء الفتنة فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإذا كان المسجد القديم قد ضاق بالناس ولم يعد يتسع للمصلين فأقيم مسجد قريباً منه أكبر منه يتسع للمصلين، ولم يكن القصد من إقامة المسجد الثاني الإضرار بالأول ورأى المشرفون على المسجد تحويل المسجد القديم إلى سكن لإمام المسجد ومؤذنه ليكونا قريبين من المسجد؛ ليتمكنا من أداء جميع الصلوات فيه فيظهر لي أنه لا حرج -إن شاء الله-؛ لأن هذا وقف أيضاً لصالح المسجد الجديد فيستمر وقفاً إذ في ذلك بقاء الوقف بمعناه عند تعذر بقاء صورته.
وأما إذا كان المسجد الذي أقيم ثانياً قد أقيم بغرض الإضرار بالمسجد الأول، وصرف بعض المصلين عن المسجد الأول فهذا مسجد الضرار الذي قال الله فيه:"والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون*لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين"[التوبة: ١٠٧-١٠٨] .
قال القرطبي - رحمه الله-: (قال علماؤنا: لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغراً، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ) .
وقال أيضاً: (قال علماؤنا -رحمة الله عليهم-: وإذا كان المسجد الذي يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه ابن ماجة (٧٣٨) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يهدم وينزع إذا كان فيه ضرر بغيره، فما ظنك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم حتى لا يدخل ضرر على الأقدم) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.