للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لماذا يُقتل المرتد

المجيب خالد بن عبد العزيز السيف

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٤/٠٤/١٤٢٧هـ

السؤال

هناك من الغربيين من يتحرج من الدخول في الإسلام مخافة أن يرتد فيقتل!، فلماذا يقتل المسلمون المرتد عن الدين؟ كيف تريدون للناس أن يسلموا، ثم يظلوا على إسلامهم بالإكراه؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فمن أهم ما يجب التركيز عليه في خطاب غير المسلم وصاحب الثقافة الغربية على وجه الخصوص، هو بيان وتوضيح أن الإسلام ليس ما يتمثله المسلمون، كما أن المسيحية ليست ما يتمثله المسيحيون، فالإسلام رسالة هداية، وشريعة ربانية ذات منظومة متكاملة في شؤون الدين والدنيا على جميع الصعد.

ويخلط كثير من غير المسلمين في فهم الإسلام، إلى جانب اختزالهم الإسلام في طقوس، وشعائر ظاهرة، تبدو لغير المسلم أنها هي الإسلام فحسب، مع أن في هذا الاختزال تغييبا لكثير من معالم الدين وجواهره.

إن الإسلام عقيدة وشريعة، والجانب العقدي فيه مقدم على الجانب التشريعي بل لا يمكن أن يقوم الجانب التشريعي إلا على أساس عقدي، ولذلك كان في بدايات الإسلام الأولى وفي العهد المكي على وجه الخصوص لم تكن هناك شعائر، ولكن كانت هناك عقائد، وكان التركيز علها في مقدم الأولويات.

فالعقيدة الإسلامية، هي: جوهر الإسلام، وهي التي بها يُقيّم دخول الإنسان في الإسلام من عدمه، والجانب العقدي في الإسلام يتمثل في الإيمان بوحدانية الله وعدم الإشراك به، كما قال تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" [آل عمران: ١٨] ، وقال تعالى أيضاً: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " [آل عمران:٦٤] ، وغيرها من آيات التوحيد.

ومن أصول الاعتقاد أيضاً الإيمان بأسماء الله وصفاته العليا، كما جاءت في القرآن الكريم، وأيضاً الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل ما جاء به فهو حق، وأن القرآن معجزته الخالدة، وغير ذلك من أصول الاعتقاد القلبية، وهذه الأصول العقدية لا تصح بالإكراه على فرض حصول الإكراه بها، وإلا فالحقيقة أن الأعمال القلبية -كأصول الاعتقاد هذه-، لا يقع الإكراه بها أصلاً، كما لا يكمن أن يكره إنسان على حب شيء أو بغضه؛ لأن الحب والبغض عملان قلبيان، والعمل القلبي لا سلطان للبشر عليه، أضف إلى ذلك أن الإيمان بأصول العقائد يلزم القلب لزوماً لأنها من باب اليقين، واليقين يحصل في القلب اضطراراً، كما يرى الإنسان الشمس تشرق أو تغرب فيتيقن عند ذلك شروقها أو غروبها، وهذا اليقين لا يمكن دفعه عن القلب أصلاً، ومثل ذلك موضوع العقائد التي مبنى الإيمان فيها على اليقين، فهي تلزم القلب لزوماً ولا يكمن أن يتصور فيها الإكراه، فمبدأ الإكراه هنا غير وارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>