للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفريق بين مسائل العقيدة والفقه]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية

التاريخ ١٩/٠٧/١٤٢٥هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

شيوخنا وأساتذتنا الأفاضل: -حفظهم الله ونفعنا بعلمهم-.

هل هناك قاعدة أصولية أو شرعية نحكم من خلالها على مسألة شرعية بأنها عقدية أو فقهية؟ وإن كان هناك قاعدة فهل علماء أهل السنة متفقون جميعهم عليها؟

أسأل هذا السؤال لأن الصوفية يدعون أن قضية التوسل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالصالحين هي قضية فقهية وليست من باب العقيدة. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإني لا أذكر أن العلماء وضعوا قاعدة فقهية أو أصولية تفرق بين مسائل العقيدة وبين مسائل الفقه، ولكن الذي يظهر من كلام أهل العلم وصنيعهم في مؤلفاتهم: أن المسائل العقدية هي المسائل التي تتعلق بأركان الإيمان: كالمسائل المتعلقة بالإيمان بالله، وأسمائه، وصفاته، وما يجب أن يصرف إليه وحده دون سواه، والمسائل المتعلقة بالإيمان باليوم الآخر، والملائكة، والكتب المنزلة من عند الله، والرسل والأنبياء، والقدر، وما إلى هذه المسائل مما هو مدون في كتب العقيدة.

أما المسائل الفقهية فهي المسائل المتعلقة بأفعال العباد، من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة، وجهاد، ونكاح، ونحو ذلك مما هو مبحوث عند الفقهاء في كتبهم، وبهذا يتبين أن مسألة التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو بغيره من الصالحين من مسائل العقيدة؛ لتعلق مسألة التوسل - عموماً - بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته، ولذلك فإن الأصل في التوسل أن يكون بالله، أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته.

ومما يدل على أن مسألة التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو بغيره من الصالحين من مسائل العقيدة، أن العلماء يتكلمون عن التوسل وأحكامه في مؤلفاتهم في العقيدة، حيث يخصونه بباب يبحثون فيه أحكامه وما يجوز منه، وما لا يجوز، وما إلى ذلك، ولا تجد للتوسل ذكراً في كتب الفقه، ولو كان من مسائل الفقه لتعرض له الفقهاء بالبحث كما تعرضوا لغيره من موضوعات الفقه المتعددة، ولو فرضنا أن هذه المسألة من المسائل الفقهية، فإن ذلك لا يؤثر في حكمها؛ لأن الواجب على المسلم أن يكون متبعاً لأدلة الكتاب والسنة، ممتثلاً لأحكامهما واقفاً عند حدودهما، وقد دلّت الأدلة الشرعية على عدم جواز التوسل بذوات الأنبياء وغيرهم من الصالحين، ولذلك يجب على المسلم الالتزام بما دلت عليه تلك الأدلة، بغض النظر عن كون المسألة عقدية أو فقهية.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>