للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصلاة على المنتحر والترحم عليه]

المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٦/٢/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..

توفي أحد الأشخاص ممن أعرف، وقالوا إنه توفي منتحراً، فقد استأجر غرفة في فندق وكتب ورقة يخبر أنه لم يتسبب أحد في قتله، وأنه تخرج من الجامعة ولم يجد عملاً ففعل ذلك للتخلص من همومه ومشاكله، فما حكم هذا التصرف؟ ومن علم بذلك هل يجوز له الصلاة عليه والترحم عليه، وبعضهم يجهل ملابسات هذا العمل فهل يصلي ويترحم عليه؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - وعلى آله وصحبه-، وبعد: كل من مات على الإسلام فإنه يصلى عليه، لأن المقصود بالصلاة هو الشفاعة له والدعاء له بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، وكل مسلم من أهل الشفاعة له والاستغفار له، وإنما تحرم الصلاة على الكفار والمشركين، كما قال تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى" [التوبة: ١١٣] ، وكذلك من علم نفاقه لا تجوز الصلاة عليه، لأنه سبحانه نهى نبيه أن يصلي على المنافقين فقال: "وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ" [التوبة: ٨٤] ، والمسلم إذا قتل نفسه أو كان معروفاً بارتكاب بعض الكبائر فإن ذلك لا يخرجه عن الإسلام ولا يحرمه من دعوة المسلمين، ولكن ينبغي لأهل العلم وأهل الخير المعروفين أن يتركوا الصلاة على أمثال هؤلاء تنفيراً من أفعالهم وزجراً عنها، وقد أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم- برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه رواه مسلم (٩٧٨) ، ولكنه لم ينه عن الصلاة عليه، فترك الصلاة زجراً عن فعله المنكر، ولم ينه عن الصلاة عليه لأنه مسلم، كما كان يقول لمن مات وعليه دين ولم يخلف له وفاء، يقول لأهله صلوا على صاحبكم زجراً عن تحمل الديون التي لا وفاء لها، وذلك في أول الأمر قبل أن يكون عند النبي - صلى الله عليه وسلم- ما يقضي به الدين عن من مات من المسلمين الذين لم يخلفوا لدينهم وفاء فكان يقول بعد أن فتح الله عليه الفتوح" أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعلي قضاؤه ومن ترك مالاً فلورثته" رواه البخاري (٢٢٩٨) ، ومسلم (١٦١٩) ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>