الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فبناءً على قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم (١٤) الصادر عنها في دورتها الثالثة المنعقدة فيما بين ١/٤/١٣٩٣هـ و١٧/٤/١٣٩٣هـ القاضي بتأجيل دراسة موضوع الطلاق المعلق إلى الدورة الرابعة لمجلس الهيئة - فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة الرابعة المنعقد فيما بين ٢٩/١٠/١٣٩٣هـ و١٢/١١/١٣٩٣هـ، وفي هذه الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة الموضوع وتداول الرأي، واستعراض كلام أهل العلم في ذلك، ومناقشة ما على كل قول من إيراد، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يثبت نص صريح لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله باعتبار الطلاق المعلق طلاقاً عند الحنث وعدم اعتباره، وأن المسألة نظرية للاجتهاد فيها مجال بعد ذلك توصل المجلس بأكثريته إلى اختيار القول بوقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه، سواء قصد من علق طلاقة على شرط المحض، أو كان قصده الحث أو المنع، أو تصديق خبر أو تكذيبه؛ لأمور أهمها ما يلي:
١- ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار في ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في [صحيحه] معلقاً بصيغة الجزم من أن رجلاً طلق امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. وما روى البيهقي بإسناده عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق. فتفعله، قال: هي واحدة وهو أحق بها، وما رواه أيضاً بإسناده إلى أبي الزناد عن أبيه: أن الفقهاء السبعة من أهل المدينة كانوا يقولون: أيما رجل قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلى الليل فخرجت طلقت امرأته، إلى غير ذلك من الآثار، مما يقوي بعضها بعضاً.
٢- لما أجمع عليه أهل العلم إلا من شذ في إيقاع الطلاق من الهازل مع القطع بأنه لم يقصد الطلاق، وذلك استناداً إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول من أن ثلاثاً جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والعتاق".فإن كلاً من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق وإن لم يقصده، فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به وعدم إيقاعه على الحالف به.
٣- لقوله تعالى:" والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين" [النور: ٧] ، ووجه الاستدلال بها: أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة والغضب على تقديم الكذب.
٤- إن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع.