للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ ١٧/٠٣/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحدثت مع أحد الشباب حول كون أحاديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، ومضمون كلامه أن هناك أحاديث قالها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصبحت الآن غير صالحة للتطبيق؛ حيث إن الماديات قد تغيرت في ظل الحضارة الحديثة والتطور المادي، فيقول هو: إن حديث الأعرابي الذي بال في المسجد غير ممكن الحدوث اليوم؛ حيث إن المساجد أصبحت تختلف عمّا كان عليه الحال في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو ينطلق من هذا الأساس ليقول: إن هذا الحديث -على سبيل المثال- أصبح وجوده في مناهج التعليم وفي الكتب الأخرى مجرد حشو على حد تعبيره، كما أنه يقول: إن هناك أحاديث كثيرة على هذا النحو مما تغير الحال عما كان عليه في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذن هي لا تحدث فهي لمجرد الحفظ فقط، أو لا داعي لتعليمها للجيل الجديد على حد زعمه. فما ردكم على ذلك؟. جزاكم الله خيراً.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله وحده، وبعد:

فهذا الذي جرى بينك وبينه جدال حول أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما أُتي في الحقيقة من جهله بالسنة، وما أكثر جنسه ولونه في هذا العصر!

وعلى سبيل المثال فحديث الأعرابي هذا، نظر إليه من حيث الشكل، وغفل عن المضمون، فالبناء وإن اختلف في شكله على مر العصور، ولكن المسجد يبقى هو المسجد في أحكامه، وما يجب له من حرمة، إلخ ...

علماً أن كثيراً من المساجد اليوم لاسيما الواقعة في البلاد الفقيرة أو في القرى والهجر، هي على الحال التي عليها المساجد القديمة من بنائها بالطين وفرشها بالحصباء، كما هو الحال في بعض البلاد الإفريقية وغيرها، فلماذا اختزل هذا الأخ المساجد كلها في أنحاء العالم في الواقع الذي يعيشه هو، أو تعيشه أكثر الدول؟

وعوداً على ذي بدء، أقول: لقد استنبط علماؤنا الأجلاء فوائد كثيرة جداً من حديث الأعرابي هذا، وقبل أن أسرد بعضاً من هذه الفوائد، فإني أسوق الحديث بنصه كما جاء في صحيح مسلم (٢٨٥) :

عن أنس -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: مَهْ، مَهْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تزرموه- يعني: اتركوه لا تقطعوا عليه بوله- دعوه"، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاه، فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن". فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنه عليه.

وفي لفظ للبخاري (٢٢٠) : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: "دعوه وهريقوا على بوله سَجْلاً -يعني: دلواً- من ماء، أو ذنوباً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين".

هذا هو الحديث، وإليك بعض الفوائد المستقاة من هذا الحديث، والتي تفيد المسلم وتهمه في كل عصر:

<<  <  ج: ص:  >  >>