أرهقتني زوجتي كثيراً بطلب الطلاق في كل صغيرة وكبيرة، وما زالت تكثر علي من طلب الطلاق والتهديد به -أو طلب الخلع- حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت. علمًا أنها لا تريد الطلاق حقيقةً، وإنما تريد به الضغط علي للحصول على بعض الأمور. المهم أنه وقعت بيني وبينها مؤخراً مشاحنة انتهت بطردها لي من المنزل، ونحن في بلاد الغرب حيث تُنْصَر المرأة على زوجها في كل حال، الشاهد أنها طردتني من المنزل، واضطررت إلى أن أستأجر غرفةً في منزل آخر؛ حتى أنظر كيف سينتهي هذا الأمر، بقيت في هذا المكان مدة من الزمن تعبت فيها جداً من كثرة الهموم والفتنة، فأردت أن ينتهي هذا الأمر بسرعة قبل أن أقع في ما حرم الله، فإما أن أعود لبيتي ولزوجتي وأولادي، وإما أن أبحث عن زوجة أخرى أحصن بها نفسي عن الحرام.
فكتبت لزوجتي ورقة طلاق معلَّق، ذكرت فيه أني لم أعد أحتمل هذا الحال -وأني لن أصبر عليه طويلاً، فجعلت تاريخا محدداً هو نهاية صبري على هذا الحال، وأني سأطلق زوجتي طلاقاً معلقاً عند حلول هذا الموعد أو التاريخ، في حال أن الوضع استمر على ما هو عليه، فمرت الأيام وجاء الموعد المحدَّد، ولم تعتذر زوجتي عن شيء.
فأنا اعتبرت أن الطلاق قد وقع، وأن حياتي مع هذه المرأة قد انتهت، لأن هذه هي الطلقة الثالثة.
فهل هذا الطلاق واقع أم لا؟
الجواب
فقد ذكرت -حفظك الله تعالى- أنك علقت طلاق زوجتك بحلول وقت معين مع نيتك إمضاء الطلاق، وحل الوقت، ففي هذه الحالة يقع الطلاق وهو مذهب جماهير العلماء على تفصيل في ذلك، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء ممن يفصلون في مسألة تعليق الطلاق، فقد أوقعوا الطلاق في مثل هذه الصورة، قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وأما إذا قصد إيقاع الطلاق على الوجه الشرعي مثل أن ينجز الطلاق فيطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه فهذا يقع به الطلاق باتفاق العلماء، وكذلك إذا علَّق الطلاق بصفة يقصد إيقاع الطلاق عندها مثل أن يكون مريداً للطلاق إذا فعلت أمراً من الأمور، فيقول لها: إن فعلته فأنت طالق. قصده أن يطلقها إذا فعلته، فهذا مطلق يقع به الطلاق عند السلف وجماهير الخلف، بخلاف من قصده أن ينهاها ويزجرها باليمين، ولو فعلتْ ذلك الذي يكرهه لم يجز أن يطلقها، بل هو مريد لها، وإن فعلته لكنه قصد اليمين لمنعها عن الفعل لا مريدًا أن يقع الطلاق وإن فعلته فهذا حلف لا يقع به الطلاق في أظهر قولي العلماء من السلف والخلف، بل يجزئه كفارة يمين". أ. هـ مجموع الفتاوى (٣٣/٧٠) ، الفتاوى الكبرى (٢/١١١) .
وقال -رحمه الله تعالى-: "ومن علق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، وإن أراد الجزاء بتعليقه طلقت كره الشرط أو لا". الفتاوى الكبرى (٥/٥٧٥) .